وقد حكّ مذهبا ليوضع فوق طاق باب السلام ذى الفيوضات منظومة تاريخية كما صنع طغراء غراء على أن توضع فوق المكان الخاص الذى هيئ فى وسط القباب المجيدية العالية التى تقع فى جهة من الساحة الرملية فى مؤخرة حرم السعادة، وقد أرسلت المنظومة التاريخية التى كتبها قاضى المدينة المنورة السابق يعقوب عاصم أفندى ليعرض على أعتاب السلطان بواسطة أحمد أسعد أفندى إلى شيخ الإسلام سعد الدين أفندى وأن تعاد إلى المدينة فى حالة نيلها القبول.
وقدم ذلك التاريخ إلى السلطان حتى يلقى عليه نظرة، وإن كان قد وافق مزاج السلطان الفطرى إلا أن استخدام بعض التعبيرات التى توافق الصنعة الشعرية أراد السلطان ذو السمات الملائكية الذى يتوسل إلى روح محمد-عليه صلوات الأحد-فى كل أمور السلطنة وخصوصياته أن يحرر التاريخ الذى سيوضع فى داخل المسجد النبوى الشريف من الخيالات الشعرية وفى صنعة معبرة عن سليقة الإخلاص ولذا قال: «من أنا حتى أتجرأ على تعليق الطغراء داخل البناء المقدس الذى بناه سلطان الأنبياء-عليه أعظم التحايا-بذاته! فمن الأنسب أن يكتب فى المكان بدلا من التاريخ والطغراء حديث شريف مناسب لذلك المقام المقدس ويعلق هذا التاريخ بعد تصحيحه فوق كمر أحد أبواب حرم السعادة وهذا أنسب، وبعد أن يصحح زيور (١) أفندى هذا التاريخ فليرسل إلى المدينة المنورة باهرة الشرف»؛وبناء على هذا الأمر السلطانى صحح ذلك التاريخ وأرسل إلى المدينة على أن يعلق فوق طاق أحد أبواب حرم السعادة، وأن يكتب على حجر التاريخ، الذى أرسله محمد راشد أفندى قديما ولم يلق قبولا لدى السلطان، الخبر الصحيح:«صلاة فى مسجدى هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام»،وأن يكتب مكان الطغراء عبارة «قال النبى عليه السلام» وبما أن هذا الأمر السلطانى قد أبلغ إلى أمانة المبانى العالية قد وقر وفخم ذلك المقام ووجد الاحترام للأمر السلطانى ووضعت الطغراء الغراء المجيدية فوق طاق باب السلام مذهبة حيث زينته.
(١) هو من مشاهير الشعراء، تولى منصب وزارة الأوقاف لمدة طويلة وتولى منصب مشيخة الحرم مؤخرا.