التقليل من حرمة بيت الله عند النظر إليه. والآخر الخوف من ارتكاب المعاصى التى تؤدى إلى فساد الأخلاق والفسق فى حرم الله نعوذ بالله تعالى من هذا وما أتعس المؤمن الذى تعرض لارتكاب هذين المحظورين. وهذا ما تؤكده الآية الكريمة:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ}(الحج:٢٥) وما تفيده الآية الكريمة أن كل من يعدل عن الحق ويرتكب الظلم والجور قاصدا معصية الله فإن الله-سبحانه وتعالى-سيذيقه عذابا أليما.
أما من كانوا مفطورين على إعزاز البيت الشريف وإجلاله عند ما يرونه كل مرة يعتريهم الخشوع والمهابة والدهشة. كأنهم يرونه أول مرة إذا كانوا قادرين على ذلك فمما لا شك فيه ولا شبهة أن نعمة المجاورة سعادة فوق الوصف ومبعث الفخر والسرور.
ومع هذا فإن كراهية مجاورة مكة خاصة بالمسلمين الذين عاشوا فى العصور السابقة، وأما الآن فقد تغيرت الدنيا واضطر المسلمون أن يختلطوا بالأجانب وأن يتأثروا بأخلاقهم، كما أن أسباب المعيشة اضطرت الناس إلى المقابلة بالتقى والشقى، لذا فأولى بالنسبة لصفاء النفوس أن يلجئوا إلى بلدة الله أو إلى البلدة الطيبة لرسول الله حيث يلوذون إلى الله الغفار راجين عونه ورحمته.
وبما أن الكعبة وما حولها مقر الأنبياء والأولياء فمن المرجو أن يتأثر هؤلاء الضعاف من المسلمين بهم ويقتدوا بهم وهم يداومون فى الطواف حول بيت الله.
يقول الإمام اليافعى فى كتابه المسمى «روض الرياحين»:
«يرى أحيانا الملائكة الكرام والأنبياء العظام وخاصة الأولياء الكرام ذوى الاحترام حول الكعبة وجوارها، وأكثر ما يرى فى ليالى أيام الاثنين والخميس والجمعة، ويروى أنه يشاهد إبراهيم-عليه السلام-وأولاده عيسى عليه السلام وجماعته فى حجر إسماعيل وفرق الملائكة عند الحجر الأسود، وسيد الأنبياء عليه وعليهم التحيات، وأهل بيته والصحابة والأولياء أمام الركن اليمانى.