ضرار أولا ثم جلبوا سعف النخيل وأحرقوه وجعلوا المكان مقلبا للقمامة لأهل القرية.
يقول خزيمة بن ثابت: «كان أبو عامر الراهب قبل البعثة يعرف بأقوال النبى وأفعاله ويمدحه ويثنى عليه وكان يتجنب الشرك والكفر ويرغب فى اتباع دين إبراهيم الحنيف ويحرص على التوحيد، واجتمع بكثير من علماء اليهود والنصارى وتشاور معهم وسافر كثيرا ليدقق دين إبراهيم وعرف أن الدين الحنيف المذكور سيظهر مع مبعث الرسول الأكرم، واطلع على كثير من شمائل ذلك النبى المقدسة.
ووجد أبو عامر يوما فى مجلس أعيان الأوس والخزرج وأخذ يذكر اسم النبى وصفاته وبين أنه ظهر فى مكة المكرمة وأنه سيهاجر إلى المدينة الطاهرة، وعندئذ قال له أبو الهيثم بن التيهان القضاعى الذى كان فى ذلك المجلس، وكان من الذين دخلوا فى الدين الحنيف، يا أبا عامر! كيف أتصرف إذا ما أدركت بعثة هذا النبى وقال له أبو عامر أقسم بأن الجن والإنس قد وصفوه لى وبينوه فقال له أبو الهيثم يا ترى، فالذين وصفوه لك من بين البشر رأوا صفاته فى كتاب الله؟ أو سمعوها من الجن؟ فنحن لا ندرى شيئا من هذا الموضوع؟ قال أبو عامر، أخبرنى بذلك كاهن فى اليمن، وكان الكاهن المذكور مشهورا جدا فى الأخبار العربية العجيبة، وكنت خرجت فى شهر رجب فى ليلة مقمرة منفردا لأتلاقى مع ذلك الكاهن. وفى أثناء سيرى كان قلبى قد نام ومر وقت غير قليل، ولما استيقظت من نومى رأيت أن دابتى قد انحرفت عن الطريق ودخلت فى مكان لا يعرف أين سينتهى. وبدأت أرتعش حزينا وأخذت أجيل النظر حولى من شدة الخوف ورأيت أمامى نارا فاتجهت نحوها. ولم يكن لى دليل. وعندما وصلت إلى جانب النار كنت قد شعرت بالدفء من كثرة تجوالى حولها، إلا أن هذه النار لما كانت لاهى مثل الإنسان ولا الحيوان ولم تكن حولها منازل ولا خيام ولم تكن لائقة بأن يطلق عليها اسم النار ومن هنا أصابنى الخوف والفزع وانتصب شعرى حتى أصبحت كل شعرة كأنها شوكة. وارتعشت قوائم ناقتى فبدأت تسرع فى سيرها.