للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما تصورته نارا تمثلته أربعة أنفار مردة ذات أشكال مخيفة وهجموا على هجوما عنيفا، فصحت بأعلى صوتى واستغثت برئيسهم، وكان من هؤلاء الأنفار كلب يمنعهم من الهجوم على؛ فأتوا إلى جانبه وجلسوا بعد التحية، كانت وجوهم مخيفة ومناظرهم قبيحة كريهة، فخاطبنى واحد منهم قائلا: «من أنت؟» فقلت لهم: «إننى شخص من بنى غسان الذى ينتهى إلى بنى قيلة (١) فقيل لى أين تذهب وعم تبحث» فقلت لهم: «إننى خرجت إلى الطريق باحثا عن كاهن يخبرنى عن أحكام الدين الحنيف؛ ولكننى ضللت الطريق وأتيت هنا وهكذا وضحت لهم ما فى ضميرى، ثم ختمت مقالى قائلا: «نحن من معاشر البشر، ونعتمد على الكهنة الذين يستقون منكم الأخبار وينشرونها بيننا، إننى فرد غريب يرغب فى ملاقاة الذين يتبعونكم لأجل ذلك أسير فى البلاد. فإذا ما طلبتم منى الذهاب نفذت أمركم فأشار الثلاثة إلى شخص رابع معهم والذى افتتح كلامه قائلا ما اسمك؟ «فقلت له اسمى أبو عامر فقال لى: «يا أبا عامر افتح عيونك، وإننى أؤمنك بأننى لن أكذب عليك، لتعلق قلبى بك. يا أبا عامر أقسم لك إنه قد ظهر نبى من سلالة بنى هاشم بن عبد مناف وبسبب هذا الغيث مثل العنبر قد أحضر إلى العالم الذى أوشك على الخراب، وجهه منير مثل شمس الدنيا المضيئة واسع الصدر، قامته ليست طويلة ولا قصيرة بل هى موزونة، ولا ينظر إلى شئ أكثر من اللازم وعندما ينظر لا تطرف عيناه وعيونه ذات حكمة ومكحولتان بالفطرة واسعتان جميلتان، وفى عينيه مقدار من الحمرة وبين كتفيه خاتم النبوة، وهو أمى لا يعرف القراءة ولا الكتابة، مبعوث بالدين الحنيف، يظهر أن الخلق جميعا سيتبعونه ويسيرون فى آثاره وأنه سيتحدث للملائكة ذوات الأجنحة وبعد قوله هذا انسحب من جانبى وتقدم إلى الأمام فتبعه رفقاؤه، وأنا رأيت أن الصباح قد حان فوجدت طريقى وعدت».

يفهم من حكاية خزيمة هذه أن أبا عامر الفاسق أخبث الخلائق كأنه تدين بدين الخليل الجليل قبل البعثة النبوية وقد استقى المعلومات عن البعثة المحمدية


(١) قيلة أم الأوس والخزرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>