للملك الذى يصاحبه بالبقاء فى هذا المكان ويفصح عما فى نفسه قائلا:«أيها الملك اتركنى هنا» فيتلقى الجواب منه: «المكان الذى أمرنا بالنزول فيه ما زال بعيدا أمامنا».وفى النهاية، وصلا إلى مكة المكرمة وسارعا بنقل الأحجار من الجبال الخمسة على الوجه المذكور آنفا وقاما ببناء وتأسيس بيت الله قوى الأركان.
وبعد الانتهاء ذهبا إلى عرفات، وأديا مناسك الحج وفقا لشروطه ورجعا.
وفى أثناء عودة آدم-عليه السلام-من عدفات. خرج الملائكة الأرض لاستقباله فى وادى «أبطح»(١) وقالوا: «يا آدم: كنا فى انتظار قدومك الموسوم باليمن.
وقد كان لنا فخر الزيارة والحج والطواف بالبيت الشريف قبلك بألقى سنة.
وبعد أن التقى حضرة أبو البشر بالملائكة الذين استقبلوه فى وادى أبطح، ذهب إلى مكة المكرمة، وأدى طواف الوداع بصحبة الملك الذى رافقه، ثم ذهب إلى بلاد الهند، وبعد ذلك اعتاد أن يأتى كل سنة للحج وزيارة كعبة الله.
وقد كتب فى ترجمة الشفاء الشريف أن آدم-عليه السلام-قد حج أربعين مرة سيرا على الأقدام، وكان طول قامته ستين شبرا، وعرض جسمه ستة أذرع أى تسعة أقدام وإحدى عشرة بوصة. ومع ذلك قال مؤلف «زين المجالس» لقد حج سيدنا آدم ثلاثمائة مرة واعتمر ألفى مرة إلى أن قبلت توبته.
هل كان يحج سيدنا آدم راكبا أم ماشيا؟ وجه هذا السؤال إلى ابن عباس رضى الله عنهما فأجاب بقوله «كيف يمكن لحيوان أن يتحمل حضرة أبى البشر عند ركوبه؟! فقد كان يحج ماشيا وكان يقطع فى كل خطوة مسافة مسيرة ثلاثة أيام.
وعند ما صدر الأمر إلى آدم-عليه السلام-بتأسيس بناء الكعبة كان فى بلاد الهند التى تشرفت بموطئ قدميه مناطق عامرة والمكان الذى كان يطأه بقدميه أصبح بعد ذلك قرية، والأماكن التى أقام بها قليلا أقيمت بها مدن صغيرة
(١) وادى أبطح: اسم مجرى عظيم من مجارى سيول مكة المكرمة، وهذا المجرى واسع جدا، ويقع بين منى. ومكة المكرمة ويتصل بجبل حجون، وحبات رماله كبيرة بعض الشئ ومثل الحصى.