الحارث بن زهرة، ولد بعد عام الفيل بعشر سنين، وأسلم بواسطة الصديق الأكبر قبل اختفاء المسلمين فى دار الأرقم، هاجر أولا إلى الحبشة وبعد عودته منها هاجر إلى المدينة المنورة وتآخى هو وسعد بن الربيع، واشترك فى جميع غزوات النبى صلى الله عليه وسلم. ومات فى السنة الحادية والثلاثين من الهجرة وعمره سبعون عاما أو خمسة وسبعون عاما على قول آخر، وأوصى أن ينفق خمسون ألف دينار من ماله فى سبيل الله، كما أوصى أن يعطى لبقية أصحاب بدر لكل واحد منهم أربعمائة دينار (١).
وبقى له بعد وفاته مائة رأس فرس و (٣٠٠٠) غنم و (١٠٠٠) جمل، وأصاب كل واحدة من زوجاته الأربع ثمانون ألف دينار كحصة إرثية، عندما هاجر إلى المدينة المنورة عقد رابطة الأخوة مع سعد بن الربيع سالف الذكر وأخذ فى الأخذ والعطاء والتجارة. وبفضل دعاء النبى صلى الله عليه وسلم أحسن الله إليه وأنعم له بأموال لا تحصى ونقود لا تعد ونال بسهولة المعيشة الرغدة فى الدنيا، وقد استخرج مما تركه من سبائك الذهب والفضة من حفرة خزانتها بالفأس والمجرفة.
وقد جرحت يدى حافر حفرة الخزانة إلى أن أخرج السبائك كلها. وأوصى أن تعطى لأمهات المؤمنين حديقة نخيل غير ما أوصى بإعطائه لأصحاب بدر. وقد بيعت الحديقة التى عين اسمها لإعطائها لأمهات المؤمنين بأربعمائة قطعة ذهبية وعرضت لأمهات المؤمنين كن على قيد الحياة. كان عبد الرحمن بن عوف سخيا كريما لاحد لسخائه وكرمه، حتى إنه حرر فى يوم واحد ثلاثين نفرا من ربقة العبودية. وتصدق فى ذلك اليوم بسبعمائة ناقة عائدة من التجارة بكل ما تحمله من أمتعة وأغذية. وكان فضل المشار إليه وكمال أخلاقه كما يجب إذ اشترك فى غزوة تبوك وتولى أمانة النبى صلى الله عليه وسلم فسماه النبى صلى الله عليه وسلم أمين هذه الأمة.
سعد بن أبى وقاص-رضى الله عنه-:دفن سعد بن أبى وقاص فى الجهة الشرقية السامية من دار عقيل حيث أراه بنفسه وعينها. إذ أخذ ذاته السامية قبل وفاته عدة أوتاد مدببة وذهب مع الصحابى أبو دهقان إلى مقبرة بقيع الغرقد
(١) كان حيّا عندما توفى عبد الرحمن بن عوف من غزاة بدر وأصحاب الصفة مائة نفر.