وركز تلك الأوتاد فى الركن الشرقى الشامى من المنزل سالف الذكر ثم قال:«يا أبا دهقان! إذا ما مت احفروا هذا المكان وادفنونى فيه» وحينما توفى بحث أبو دهقان عن ابن المتوفى وروى له الحكاية وأراه المكان المذكور ذاهبا إلى بقيع الغرقد فأخرج ابن سعد الأوتاد ودفن جنازة والده هناك وأوفى بوصيته.
كان سعد يكنى بأبى إسحاق وأبوه وهيب أو أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى ابن أبى وقاص مالك، وأمه بنت سفيان أو أبو سفيان ابن أمية بن عبد شمس حمنة أسلم وعمره سبعة عشر عاما اشترك فى جميع غزوات النبى صلى الله عليه وسلم وكان الخامس أو السابع من السابقين إلى الإسلام وهو أحد المبشرين العشرة بالجنة وأحد أصحاب الشورى الستة.
وقد مات فى عام خمسة وخمسين هجرية بناء على قول الواقدى أو فى ثمانية وخمسين من السنة الهجرية بناء على قول أبى نعيم الفضل بن دكين أو مات فى سنة أربع وخمسين من الهجرة بناء على تدقيق وتحقيق الزبير بن عمرو، ومات فى مكان ما من وادى العقيق على بعد سبعة أميال من المدينة المنورة ثم حمل نعشه إلى المدينة المنورة ودفن فى المكان الذى سبق وصفه، وهو آخر من توفى فى المدينة من المهاجرين الكرام. وفى حالة احتضاره خلع جبته الصوفية، وقال موصيا: ادفنونى بهذه لأنها كانت على ظهرى حينما لاقيت مشركى قريش فى بدر.
عبد الله بن مسعود-رضى الله عنه-:مات عبد الله بن مسعود فى السنة الثانية والثلاثين من الهجرة وقد تجاوز الستين من عمر، ودفن فى مكان قريب من ضريح عثمان بن مظعون. لأنه قد ذهب قبل موته إلى البقيع وأوصى بأن يدفن فى ذلك المكان الذى عينه. وكان حضرته من فضلاء الصحابة الزاهدين وأبوه مسعود بن غافل بن حبيب بن سمح بن فار بن مخزوم ابن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تيم بن سعد بن هذيل ابن مدركة بن إلياس بن مضر، وأمه أم عبد الله بنت عبد ود بن سواء الهذلية.
وكان عثمان بن عفان حين وفاة عبد الله بن مسعود خليفة فزاره وعاده عند احتضاره وقال له عند عزمه على العودة: