اليوم الثالث من استشهاده. وسبب ذلك فقد الصوت الذى سمع من الهاتف صلوا على جنازة عثمان وادفنوها، إن الله سبحانه وتعالى قد رحمه.
قال الإمام: بناء على الأخبار التى تلقيتها، عندما سمع القتلة ذلك الصوت من الهاتف تحيروا واستولى عليهم قلق عظيم، فتركوا النعش الشريف فى مسجد السعادة وتفرقوا، ولما تركت الجنازة وحدها وفى ليلة ذلك اليوم أخذ جدى ومعه أحد عشر رجلا الجنازة من المسجد وأخرجوها منه وخرجوا للطريق ليحملوا الجنازة إلى المقبرة. فصادفهم بعض الرجال من كلاب قبيلة بنى مازن وقالوا: إن كنتم تريدون أن تدفنوا الجنازة فى مقبرة البقيع نخبر القتلة ونجعلهم يخرجونها من قبرها.
فخافوا من وقوع فاجعة أخرى وحملوا الجثمان إلى بستان «حش كوكب» لدفنه فيه، كانت بنات حضرة عثمان يسرن أمام التابوت وقد أمسكن فى أيديهن القناديل فى تلك الليلة العجيبة بينما رأس الجثمان يصطدم بالتابوت الخشبى ويخرج صوتا، ولما ساروا قليلا سمعوا خشخشة فخاف الذين يحملون التابوت وزاد هذا الضجيج وأحاط بهم من الجهات الأربعة قالوا: لا تخافوا أتينا لنحضر صلاة جنازة الخليفة وإذا بهذه الخشخشة كانت قد صدرت من أجنحة الملائكة واهتزازتها الذين أتوا ليحضروا صلاة جنازة عثمان-رضى الله عنه-وقد اختلف فيمن صلى على الجنازة، ففى قول أن الذى صلى هو جبير بن مطعم أو مروان ابن الحكم وفى قول آخر حكيم بن حزام، ودفنوها فى المقبرة التى هيئت فى البستان المذكور، وحضر الدفن الزبير بن العوام وحسن بن على وأبو جهم بن حذيفة ومروان بن الحكم.
وألحق أمراء بنى أمية بعد مدة بستان حش كوكب بمقبرة البقيع، وهكذا وسعوا هذه المقبرة وأخذ الناس يدفنون جنازاتهم فى هذا المكان، كان أهل المدينة يتجنبون دفن موتاهم فى حش كوكب من قبل وكأنهم تمنوا بأن يدفن أحد الصلحاء فى بستان حش كوكب حتى يقبل الناس على دفن موتاهم هناك. هذا ما