لهما فانزعج المنصور من هذا الخبر أشد الانزعاج وأخذ يفكر فى التخلص منهما بالقضاء عليهما، وقرر أن ينفق فى هذا السبيل ما لا يحصى من الأموال ولأجل ذلك كان يغير ولاة المدينة من حين لآخر بالعزل والتبديل ويخشى ما فى ضميره لكل واحد منهم، ولما كان المشار إليهما مطلعين على سوء نية أبى جعفر فإنهما كانا يسافران فى موسم الحج إلى مكة المكرمة ويعودان بعد عرفة إلى المدينة المنورة حيث يختفيان فى مكان ما.
وقد فهم المنصور أن الأمر الذى يريد أن ينفذه لن يتم بواسطة الولاة الذين يبعثهم إلى المدينة أى فهم أن من لديه أقل ذرة من الإيمان لن يقوم بهذا العمل، فأخذ يتحرى عن شخص غدار سفاك ليثق فيه وأخيرا وجد رجله فى رباح بن عثمان الموصوف بالقسوة عديم الرحمة محتاج لفلس أحمر وفهم من عينيه أنه كلب بن كلب، فاستدعاه فجاءه ليلة من الليالى وعهد إليه بولاية المدينة المنورة قائلا: يا عثمان! يجب أن تذهب سريعا إلى المدينة المنورة وأن تبحث عن حل سريع لقتل محمد بن عبد الله وأخيه إبراهيم، وهكذا نبهه وأمره بقتل المشار إليهما وجهز له كل ما يلزم من عظمة ودبدبة ووجه ذلك الدنئ الذى يخرب البيوت بعد أن رقاه إلى والى المدينة، وكان رباح بن عثمان دنيئا لا يتحرج حتى عن قتل الأنبياء وهدم البيت العالى ولا يتورع عن ارتكاب أى جرم، وعند ما وصل إلى المدينة أراد أن يتظاهر أمام الأهالى بأنه من أنصار الحق فذهب تلك السنة إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج وبعد العودة أخرج السادة والعظام الذين كان قد حبسهم المنصور بنفسه من آل حسن بن على من السجن فكبل أرجلهم وأيديهم بأكبال حديدية وربط كل واحد منهم بالآخر بالسلاسل الحديدية وارتكب دناءة وجرم سوقهم بهذا الشكل إلى بغداد دار الخلافة.
وكان مع المسجونين المشار إليهم من يلقب ب «الديباج» لكمال حسنه وملاحته: أبو عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن عفان.
أبو عبد الله محمد بن عبد الله الديباج كان أخا عبد الله ابن حسن لأم وقطعة كبد فاطمة بنت حسين بن على بن أبى طالب، وكانت بنتة رقية متزوجة بابن