وإن كان محمد بن عبد الله حمل على العدو مع من استعدوا لفدائه بأرواحهم وكانوا ثلاثمائة من الأبطال الشجعان وأشعلوا نار الحرب وأقدموا على أعداء آل نبى الله وقتلوا كثيرين منهم، إلا أنه فى عاقبة الأمر استشهد فى مكان يطلق عليه أحجار الزيت بعد أن طعن، وقد حدث هذا الحادث المؤسف المؤلم بعد العصر من شهر رمضان فى الرابع عشر منه، وقد أهلك محمد بن عبد الله وهو متقلد ذا الفقار الحيدرى سبعين نفرا من سفاحى بغداد وحاز بهذا إعجاب أصدقائه وأعدائه كذلك؛ رضى الله عنه.
وأخذ ذا الفقار الذى كان فى يد محمد عبد الله عيسى بن موسى وأرسله إلى المنصور فتوارث هذا السيف الخلفاء العباسيون مدة طويلة، وضرب أحد بنى عباس كلبا على سبيل التجربة بهذا السيف، وبما أن ضرب الكلب بهذا السيف كانت من الحركات المستهجنة فانكسر ذلك السيف ولم يستعمل بعد.
وأرسل عيسى بن موسى سفاك الدماء رأس محمد بن عبد الله إلى بغداد كما أرسل جسمه إلى مشهده الذى دفن فيه، وبعد أن أرسل السادات والأشراف الذين بايعوا محمدا بن عبد الله إلى مكان ما فى خارج المدينة وصلبهم فى صفين، وبعد ثلاثة أيام ألقاه فى الخندق الذى حفره فى مقبرة اليهود وغطاهم بالحجارة والتراب وأسند ولاية دار العز إلى كثير بن حصين لأن رباح بن عثمان كان قد قتل فى أثناء استشهاد محمد بن عبد الله فى سجنه-وعاد إلى دار الخلافة بغداد فى التاسع عشر من شهر رمضان.
ولما وصل رأس محمد بن عبد الله إلى بغداد سر المنصور سرورا لا مزيد عليه وأمر أن يشهر به بالطواف فى جميع مراكز القضاء وعين عبد الله بن الربيع واليا على المدينة بعد أن عزل كثير بن حصين حتى يقبض على أشراف المدينة وساداتها واحدا تلو الآخر ويرسلهم إلى بغداد. ولم تكن بين العلويين الكرام والعباسيين إلى السنة المذكورة أى نوع من العداوة ولم تكن هناك أية مشكلة تبعثه على نفرة