خلقك، فأمتحن بحمد من أعطانى، وأفتن بذم من منعنى، وأنت من وراء ذلك كله والىّ الإعطاء والمنع إنك على كل شئ قدير، يا نعم المولى ويا نعم النصير».
يا رب لا تحينى إلى زمن أكون فيه كلا على أحد ... خذ بيدى قبل أن أقول لمن أراه عند القيام خذ بيدى
وهناك صنف آخر بين أهالى المدينة كل فرد منهم يملك ثروة وغنى وهو صاحب نفوذ وقدرة وهم يمضون أوقاتهم فى غاية الرفاهية والجاه والعظمة كما أنهم يراعون الأهالى الفقراء وضعفاء المجاورين وهم الفئة التى يقال له الجامع بين الحسنتين.
وأهل المدينة عامة يحبون التنزه والفرجة، وينشطون قلوبهم بالتجوال فى الحقول والمتنزهات دون كلفة وأما بالنسبة للأكل والشرب يكتفون بالمودة سالكين مسلك الاكتفاء بما وجد. واختار بعضهم السياحة فى البلدان والممالك حتى يزيدوا من ثروتهم وغناهم. كما أن بعضهم يتركون دورهم وديارهم باحثين عن أرزاقهم، كما أن بعضهم يتبعون أفكارا أخرى. ولا يتفقون كلهم فى أفكارهم وآرائهم، فيهم من يسلك مسالك الهوى والهوس. يقول ابن فرحون من المؤرخين القدماء:«كان مجاورو المدينة فى الأوائل من الصلحاء وأهل اليسار؛ لذلك كان رؤساء الأهالى يكرمونهم ويخدمونهم، ويقضون لهم حاجاتهم الضرورية ويقدمون لهم التحف والهدايا ويحاولون بهذا أن ينالوا حبهم.
ويعتقدون فيهم خيرا ويلتمسون دعاءهم وهمتهم. والآن انعكس الأمر إذ انعدمت الثقة والاستقامة فى المجاورين، كما أن أهالى الحرمين لا يحترمون كذلك من لا يراعى جانب الآثار المسعودة، وقد تغيرت الملابس والأفكار من أجل اجتذاب القلوب كما يقول المثل: «تغيير الشكل من أجل الأكل» فى كل مكان يمزقون أستار الحرمة والرعاية وفى كل طور وفعل يظهرون شعائر الإساءة والدناءة يتفوهون فى داخل الحرم الشريف بكل ما يرد على ألسنتهم ولا يتذكرون