بقى إبراهيم-عليه السلام-فى المغارة المذكورة مدة خمسة عشر شهرا-على اختلاف الروايات. وعند ما بلغ سن التمييز وجال بخاطره فكرة الخروج من المغارة قال لوالدته جاء الأوان للخروج من هذه المغارة.
يقول مؤلف «بدايع الزهور» بقى سيدنا إبراهيم فى الغار اثنى عشر شهرا، ولما كان يكبر فى كل شهر مقدار سنة، كان مظهره فى مظهر الأطفال البالغين عشرة أعوام من عمرهم عند ما أراد الخروج من الغار. وبهذا أيد الرواية السابقة.
ولما رجا إبراهيم-عليه السلام-من أمه أن تخرجه من الغار، رجعت (أدنى) إلى بيتها وبعد تأمل عميق قالت لزوجها: قد ذكرت لك فيما مضى أن ابنك مات، ولم أكن صادقة فابنك لم يمت، وقد أصبح الآن شابا ملائكيا جميل الطلعة وهو الآن فى الغار وشرحت له الأمر كله.
وذهب آزر إلى الغار المذكور ولما رأى إبراهيم أعجب به وأحبه لجماله وكماله وقال لأمه: أخرجي الآن هذا الطفل لنقدمه للنمرود. وأخرجت الأم ذلك الغلام الموسوم بهداية البشر إلى خارج الغار. ولما خرج إبراهيم من الغار تأمل فى الكون، ورأى عجايب الأرض والسموات وأدرك بعلم اليقين وأذعن أن هناك مبدع وموجد حقيقى للأجرام العلوية والسفلية، فسارع بالاعتراف والإقرار بوجود الحق الذى ليس له مثيل من خلال هذا القول:«إن الذى خلقنى ورزقنى وأطعمنى وسقانى لربى الذى ليس لى إله غيره. ولم يكن فى ذلك الوقت فرد واحد على وجه الأرض يعترف بوجود إله واحد قهار».
وكان آزر كغيره من بنى البشر فى تلك الأوقات يعبدون النمرود ويشربون من كأس الندامة المتصف بالكفر. وكانوا يعبدون الشمس والقمر والكواكب والأصنام المنحوتة ويقدمون نجوم السماء ويهتمون بعبادة الكواكب لتوهمهم أن لها تأثيرا فى سير الكون وإحداث الأشياء.
وكان أهل بابل-آنذاك على دين الصابئة يعبدون الشمس وضوء النجوم ويسجدون لنهرى دجلة والفرات.