يحس وأن يفهم صحة ما ذهب إليه ابنه فيما يعتقده، وأخذه إلى قصر النمرود وقدمه للنمرود وهو شخص كريه المنظر قائلا: ها هو ذا النمرود ربنا كلنا.
وقال بعض المؤرخين إن آزر تأثر من تمسك ابنه إبراهيم برأيه وإصراره عليه وهو ضد دينه فبكى. ولما أدركت (أدنى بنت نمرة) أن النمرود الشقى عند ما يرى إصرار ابنه على رأيه سيقتله بدون شك. راحت تبكى هى الأخرى. فقال سيدنا إبراهيم وهو يسرى عنهما لا تحزنا من أجلى ولا تقلقا فالحافظ الحق الذى تكفل بحفظى وحمايتى فى صغرى، يحمينى ويحفظنى أيضا فى كبرى.
ورغم أنه أراد أن يطمئن أباه وأمه بأنه لا يوجد احتمال تمكن النمرود من إصابته بضرر ما فى أى وقت من الأوقات، إلا أن آزر فكر فى أن أعداءه سيزيدون من كراهية النمرود للطفل، وعدائه عن طريق الوشاية، ولذا عزم أن يبلغ النمرود الخبر بنفسه وأمر ابنه إبراهيم. فذهب إليه وقال: أيها الملك إن الطفل الذى كنت تخشى من ولادته هو ابنى إبراهيم، لقد ولد فيما مضى خارج بيتى ولم أعلم بالأمر إلا اليوم. والآن وقد علمت أقدمه لك وافعل به ما تود أن تفعله، حتى لا تلومنى أو ترجمنى بعد ذلك.
وأخذ ابنه-بناء على الأمر الصادر من النمرود-إلى قصره ولما كان النمرود قبيح الوجه أشد القبح، ويستخدم في حاشيته كثيرا من الشباب ذوى الشكل الملائكى فى الجمال فتعجب سيدنا إبراهيم من هذا الوضع الغريب وبدأ فى السخرية والاستهزاء بالنمرود تحقيرا له وقال:«ياله من خالق عجيب! فقد خلق نفسه غاية فى القبح وسوء المنظر وخلق هؤلاء الفتيان غاية فى الجمال».
وتبعا لبحث وتحقيق مؤلف «بدايع الزهور» فبرغم غضب النمرود على سيدنا إبراهيم بسبب كلماته تلك فإنه صمت فترة لحكمة يجهلها بنو البشر، وأمر بحبسه إلى الصباح وأن يمثل أمامه فى المجلس الذى سيعقد بعد يوم وفى اليوم التالى أتو بإبراهيم إلى المجلس المنعقد فى حضور النمرود وعند ما رآه فى هذه المرة غضب لأنه لم يستطع أن يقنعه بترك دينه.