للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكواكب أن مرض الطاعون قد يلم بى واستأذن من والده آزر أن يسمح له بالبقاء فى المدينة وادعى المرض.

وتركه النماردة خوفا من أن يعديهم بالطاعون وذهبوا إلى الصحراء. وخلت المدينة من الناس.

وذهب إبراهيم وحيدا فريدا إلى معبد الآلهة التى كانوا يقدسونها ويعتزون بها ودخل فيه، وأخذ يسخر من الأصنام قائلا: ألا تأكلون هذا الطعام؟ ماذا أصابكم حتى لا تجيبوا؟ ثم أسقط‍ الأصنام الاثنين والسبعين المرصعة والأوثان المزينة بطلاء الذهب من فوق كراسيها فصارت جزازا وعلق الفأس فى رقبة أكبر صنم منها وهو «بهو» وبعد أن فعل هذا رجع إلى بيته (١).

وكانت حكمة سيدنا إبراهيم من تعليق الفأس فى رقبة «بهو» أن يقول للنماردة «سلوا الأصنام التى تعبدونها وقد صارت ألف قطعة ليقولوا من الذى فعلها، وجعلهم على هذه الحال» فهو يريد أن يعرفهم بأن الأصنام لا يمكنها أن تتكلم حتى يشعر النماردة المتعصبون بالحقارة ويستحيوا من أنفسهم.

ورجع النماردة الضالون من ساحة العيد وذهبوا إلى معبد آلهتهم كعادتهم.

وعند ما رأوا الأصنام المطلية بالذهب التى يعبدونها ويقدسونها منذ سنوات طوال- وقد تحطمت جزازا بكوا بحزن وحرقة وتألموا، وارتموا على الأرض من شدة الخوف وتأوهوا، وأخذ كل واحد منهم يبدى رأيه فيما حدث. وقال أحدهم:

«لقد سمعت ابن آزر يهدد بتحطيمها فمن المحتمل أن ينفذ ما عقد عليه العزم ليحقر ديننا، واتفقوا كلهم على هذا الرأى وقالوا «إن إبراهيم بن آزر حطم آلهتنا وسحبوا المشار إليه إلى النمرود لاستجوابه وبدءوا فى تحقيق الأمر بسؤاله أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟ وبعبارة بليغة أجاب سيدنا إبراهيم» بالنظر إلى الفأس المعلق فى رقبة «بهو» لا بد وأن يكون هذا التصرف الحقير قد بدر منه، فاسألوه


(١) عند ما دخل حضرة الخليل إلى ذلك المعبد وحطم الأصنام إلى ألف قطعة كان فى السابعة عشرة من عمره -بدايع الزهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>