بيته من أنواع الأطعمة اللذيذة، ويضعونها حول الأصنام التى فى المعابد ويذهبون إلى الصحراء، ولدى العودة مساء يسعون لعبادة أصنام المعبد ويأخذون بقايا الطعام المتروك فى المعبد.
ويقسمونه فيما بينهم. وكانوا يعتقدون أن أكل الأطعمة التى أخذوها من هناك ستجلب الخير والبركة لمنازلهم. وكان الفئران وسائر الحيوانات تلتف حول الأطعمة وتأكل أكثرها. وكان أفراد النماردة الذين يرون نقص الطعام يقولون إن آلهتنا قد رضيت عنا إذا أكلت من طعامنا ويظهرون السعادة والسرور والفخر لهذا.
وكان هذا المعبد فى ذلك العصر من أمتن المعابد وأجملها حيث توضع الأصنام فيها وقد غطيت جدرانه بالرخام الأبيض والأخضر. وكان فى داخل هذا المعبد ثلاثة وسبعون صنما مصنوعا من الذهب والفضة والحديد والرصاص والنحاس والحجر والأشجار وقد وضع كل واحد منها فى مكانه اللائق.
وكان كل صنم من الأصنام المذكورة موضوعا فوق كرسى من الذهب، كما وضع على رأس أكبرها-ويسمى «بهو» تاج مرصع بالجواهر الفاخرة، وكانت عيناه مصنوعة من الياقوت الأحمر (١).ورصت بقية الأصنام عن يمينه وشماله. «بدايع الزهور».
وعند حلول العيد المذكور، شغل صغار النماردة وكبارهم بإعداد وترتيب لوازم العيد، وذهب جمع غفير من الناس إلى حضرة الخليل وطلبوا منه مرافقتهم قائلين: «يا إبراهيم سنذهب غدا إلى ساحة العيد الواقعة فى صحراء كذا فإذا ذهبت معنا ورأيت ما أقيم من الزينات وآلهتنا بعد العودة ستؤمن بأننا على دين أفضل، ومنهج مرغوب ومستحسن ولكن الخليل تمتم قائلا سأحطمها وعزم فيما بينه وبين نفسه على عدم الذهاب إلى الصحراء مع هؤلاء الكفرة ونظر إلى السماء -مثل العارفين بعلم الفلك مسايرا لما يعتقده النماردة وقال: يبدو فى اتصال
(١) إن صنع عينيه من الياقوت كان يغرى الحمقى المشركين بتصديق الكهنة بسرعة.