للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفيافى والصحارى التى تسكن تحت الخيم، ولما كان أهل الوبر سكان الصحارى عديمى الرغبة فى اكتساب العلوم والفنون فهم يختلفون اختلافا كليا عن أهل المدر فى سبيل تأمين وسائل معيشتهم، فالمساكن التى يسكنونها خالية تماما من علامات الجمال، فهى قد أعدت فقط‍ لتقى أجسامهم من شدة حرارة الشمس، ومن تأثير اختلاف الجو وتغيراته ويعيش أغلبهم تحت الخيام التى نسجت من صوف الأغنام أو وبر الجمال أو شعر الماعز أو الخيول.

ويعيش بعضهم فى أكواخ (١) صنعت من سعف النخيل، كما يعيش آخرون فى مساكن بنيت من الحجارة والطين، ومفروشاتهم الحصير الذى نسج من سعف النخيل والأكلمة (٢) المصنوعة من الصوف، وملبوساتهم عبارة عن قميص طويل ومشلح وكوفية ومداس، وقمصانهم الطويلة من قماش أزرق ومشالحهم من الصوف، وكوفيات بعضهم من الخيوط‍ القطنية وكوفيات الآخرين من الحرير، والنعال التى يطلقون عليها «المداس» تصنع من جلد الجمال أو جلود الحيوانات الأخرى.

وبما أن الرجال والنساء قد تعودوا على أن يلبسوا قمصانا وجلابيب فى غاية الطول فإنهم لا يعرفون معنى السراويل، ويتركون صبيانهم الذكور عرايا دون ملابس؛ إلا أن الصبايا يتمنطقن بحزام من جلد ذا شراشيب فيسترون عوراتهن ويخفينها، إنهم لا يزيدون فى أكلهم وشربهم عن حاجتهم الضرورية شيئا، لذا ترى طعامهم زهيدا جدا وكذلك شربهم، وبما أنهم مكبون على تهيئة الأغذية الطبيعية التى تحفظ‍ لهم حياتهم والتى هم إليها فى أشد الحاجة فأغلبهم يربون الجمال والغنم والماعز، ويدبرون معيشة أولادهم وعيالهم بمنتجاتها، كما أن بعضهم يدبرون قوتهم وقوت أولادهم بالرعى والزراعة والفلاحة. والذين يتعايشون بمنتجاتهم من الحيوانات مثل الجمال والغنم والماعز فى حالة ترحل


(١) يطلق أهل الحجاز على هذه الأكواخ اسم «عشة» أما أهل اليمن فيسمونها «عريش»،وإذا كانت هذه الأكواخ من حجر فيسمونها «مخزن».
(٢) تعرف هذه البسط‍ بين البدو باسم «شملة».

<<  <  ج: ص:  >  >>