واد كبير بأن يشتركوا فى بناء السد، إلا أن عمره لم يف أيضا بالعمل فى البناء.
وإن هؤلاء المؤرخين أشاروا إلى أن عدة من الملوك والحكام توارثوا الملك منذ ابتداء العمل فى السد إلى الانتهاء من بنائه.
ولما كان بناء مثل هذا السد الضخم وإقامته لا يتم فى خلال حكم ملك واحد لأن عمر بنى البشر لا يمتد بهذا القدر، فالرواية الثانية ترجح على الروايات الأخرى.
قد بنى السد المذكور بصخور ضخمة ملصقة بالزيت والقار، وقسم إلى فروع وجعل له مساقى فوقية وتحتية وبعض القنوات وأقيم بين جبلين، وأخذت بعض أماكن السد تخرب بمرور الوقت؛ إلا أن الملكة التي تسمى بلقيس-والتى ورثت الحكم من ملوك التبابعة فى بلاد سبأ والتى اكتسبت العز والسعادة بالزواج من سليمان بن داود عليهما السلام-عمرت وأصلحت السد بصورة جيدة وقوته وفتحت له منافذ كثيرة. وفتحت ثلاثة أبواب وقوت ما حول الأبواب بصورة متينة رصينة.
وكان أهل مأرب يفتتحون كل سنة بابا من تلك الأبواب، أى كانوا يفتحون سنة الباب الأول، والسنة التى بعدها الباب الثانى، والسنة التى بعدها يفتحون الباب الثالث، ويقسمون المياه الجارية من تلك الأبواب إلى جداول مرتبة، وكانوا يسقون المزارع والبساتين كيفما يشاءون.
وزادت بلاد سبأ عمرانا بعد أن عمرت بلقيس سد مأرب، ورتبت البساتين التى حول الجداول كأنها رسوم مرسومة فوق الأوراق، وأخذ أهالى بلاد سبأ يتنعمون يوما بعد يوم، وأخذوا يركنون إلى قضاء أيامهم فى الحدائق والبساتين فى فرح وسرور، وأصابهم الكبر والغرور بل تجرءوا على الكفر والطغيان كما جاء فى القرآن الكريم وعصوا ربهم ولما كان واجبا على هؤلاء أن يقضوا أيامهم ولياليهم فى العبادة والطاعة والخضوع لله لما وهبوا من نعم لم يوهب مثلها لأى