وجرأة نجم الدين الطبندى على تعميم هذا النظام عمله بقول أحد السكارى.
ويحكى أن طائفة من السكارى استحسنت قراءة الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بعد أذان صلاة العشاء فى ليلة الجمعة، فقام واحد منهم وقال:«هل ترغبون أن يصلى على الرسول صلى الله عليه وسلم عقب كل أذان؟!» فأجابه رفقاؤه: «نعم وما أحسنها من فكرة!!» واستيقظ الشخص الذى أورد هذا السؤال منشرحا باشا، وقال «قد رأيت الليلة فى منامى ورؤياى الرسول صلى الله عليه وسلم وأبلغنى أن أذهب إلى المحتسب ليأمر المؤذنين أن يصلوا فعلا فذهب إلى المحتسب وأخبره برؤياه».
وكان محتسب مصر فى ذلك الوقت رجلا مسنّا يسمى (نجم الدين الطبندى)،وكان فى غاية الجهل والحماقة مذموما بين الناس لاتصافه بمذموم الصفات. فاستعجب من قول صاحب الرؤيا أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره بأن يبلغ المؤذنين أن يقولوا عقب كل أذان فى الصلوات الخمس (الصلاة والسلام عليك يا رسول الله)،وجمع كل المؤذنين وأمرهم أن يصلوا على النبى صلى الله عليه وسلم عقب كل أذان بعد الصلوات الخمس (١).
ولم يدر نجم الدين هذا أن النبى صلى الله عليه وسلم لن يأمر بعد وفاته بشئ يخالف الشريعة الإسلامية، ولم يتذكر قول الله تعالى {أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ}[الشورى:٢١].
ولم يخطر بباله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «إياكم ومحدثات الأمور» وكان هذا الأحمق سببا فى اتخاذ هذه البدعة التى استمرت إلى يومنا هذا. ويظن بعض الجهلاء فى القرى أن الصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم من تتمة الأذان الشريف ويصرون على عدم تركها، حتى إن بعض الجهلاء يسلمون على أرواح من يعتقدون فى صلاحهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(١) اتخذت قراءة الصلاة والسلام على مآذن البلاد العثمانية فى عهد السلطان مراد خان الأول بن السلطان أورخان غازى.