الأصوات من قرية إلى أخرى، حتى إن جميع أهالى القرى والمدن يذكرون الله من الثلث الأخير من الليل حتى الفجر.
وقد استمر هذا النظام إلى أن خرب بختنصر البيت المقدس، وهدمه ونقل بنى إسرائيل إلى بابل وأجلاهم من البيت المقدس. ولم يتعبد على الطريقة المذكورة طول وجود بنى إسرائيل فى بابل، واستمرت تلك المدة سبعين عاما.
وبينما عاد بنو إسرائيل من بابل وأخذوا يسعون لتعمير وتجديد بيت المقدس أخذ أحفاد بنى لاوى يتعبدون على الطريقة التى وصفها داود-عليه السلام-، واستمر ذلك إلى استشهاد يحيى بن زكريا-عليه السلام-وبعد استشهاد يحيى خرب بيت المقدس، وثار اليهود على عيسى-عليه السلام-وتركت العبادة فى البلاد الإسرائيلية وفق شرائع بنى إسرائيل وأبطلت عادة القيام ليلا للتسبيح والذكر.
وأجريت أصول التسبيح فى العهد الإسلامى فى مصر لأول مرة فى زمن مسلمة بن مخلد وإمارته فى سنة ٥٩ الهجرية. وكان مسلمة بن مخلد بن الصامت بن نيار الأنصارى قد بنى لجامع عمرو بن العاص مئذنة كما ذكر آنفا، واعتاد أن يعتكف فى المسجد بجانب هذه المئذنة؛ ولكنه انزعج من أصوات نواقيس الكنائس التى كانت تدق، واستدعى رئيس مؤذنى ذلك الجامع شرحبيل بن عامر وقال له:«إننى أنزعج من أصوات نواقيس الكنائس صباحا!! ألا نجد لذلك حلا؟!» فقال له: «إذا ما وافقت على فكرتى فإن ذلك ممكن، إذ أبدأ فى الأذان من منتصف الليل وأمده إلى طلوع الفجر. فتأمروا ألا تدق النواقيس فى أثناء أذانى»،ووافق مسلمة بن مخلد على هذه الفكرة واتخذ شرحبيل الأذان من منتصف الليل إلى الفجر عادة له، كما أن مسلمة أمر بألا تدق النواقيس فى أثناء الأذان وأخذ يتعبد فى سكينة وخشوع.
وفى سنة ٢٥٤ الهجرية منع أبو العباس أحمد بن طولون إطالة الأذان بهذه الصورة ووضع نظام التكبير والتسبيح فى وقت قريب من الصباح، وعين لذلك