فأقاموا نائلة فى طرف وإساف فى الجانب الآخر. وكانوا يذبحون القرابين بين هذين الصنمين فوق فوهة بئر زمزم الشريف وعند ما آل حكم مكة ورئاسة قريش إلى عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وكان قد اقترب الزمن الذى ستجد فيه قلوب عطاش الجاهلية ماء حياة الهداية وستتحول أرض يثرب البطحاء القاحلة إلى جنات مأوى بفضل الماء الزلال الذى يفيض من نور النبوة.
وفى زمن عمرو بن حارث الجرهمى، كان زمزم قد اختفى عن العيون وظل خفيا مدة خمسمائة عام بعيدا عن العيون. وصدرت الإرادة الإلهية لحكمة ما بظهور زمزم الشريف، وكلف عبد المطلب ذات ليلة من الليالى فى رؤياه بأن يقوم بحفر زمزم مفتخرا.
ورغم أن عبد المطلب قد أمر بهذه المهمة، إلا أن مكان البئر المذكور كان غير معروف فى ذلك الوقت، لذا رأى أنه لن يستطيع بمفرده القيام بهذا العمل واضطر للاستعانة بقريش قديما ورؤساء قبائل قريش ووجه إليهم هذا السؤال «قد كلفت بحفر بئر زمزم وإظهارها فهل تعينونى فى هذا العمل؟».
فسألوه هل تعرف مكان بئر زمزم؟ فقال: لم ألهم بذلك أيضا يعنى لم أعرفه فقال الرؤساء: «يا عبد المطلب يجب أن تستخير هذه الليلة إذا كنت مأمورا بهذا العمل من قبل الرحمن فإنه سيخبرك بمكانه، وإذا كانت الرؤيا شيطانية فلن ترى مثل هذه الرؤيا مرة أخرى.
وقد أعجب عبد المطلب برأى الرؤساء وأسرع بكل إخلاص وتوكل يستخير فى تلك الليلة.
وبناء على هذه الاستخارة ظهر لعبد المطلب فى رؤياه فى تلك الليلة شخص تحدث بهذه العبارات المسجوعة: «احفر زمزم إن حفرتها لن تندم وهو تراث من أبيك الأعظم، لا تنزف أبدا ولا تندم فسقى الحجيج الأعظم ليس كبعض ما تقدم وهى بين الفرث والدم» ولما رجا عبد المطلب من الهاتف أن يبين له المكان القديم للبئر المذكورة، فأشار له قائلا «عند قرية النمل حيث ينقر الغراب» وكأنه أراد من