والغم وهى بقعة مفخمة مشرفة، وبناء على هذا سيزيد عمران هذا الوادى من سنة إلى أخرى.
سيق أفراد من الأقوام والقبائل ليزوروا هذا المكان المقدس الذي سيعمره المشار إليهما.
وبما أن هذا المقال قد أزال الحزن من نفس هاجر وبشرها بأن هذا المكان سيكون فى دائرة المسجد الحرام الذى سيسبب الفرح والإبتهاج فى النفوس. فما كان منها إلا أن قامت وأدت فرائض العبودية والشكر لله-تعالى-وقررت أن تمضى حياتها فى هذا المكان المبارك المقدس.
وقد اختلف العلماء فى بيان كيفية تفجر ماء زمزم الشريف، فقال فريق إنها ظهرت من أثر ضربة جناح جبريل-عليه السلام-وذهبت جماعة إلى أنها ظهرت من أثر ضربة كعب سيدنا إسماعيل، ولكن القول الأرجح حسبما ذكرنا أن جبريل ضرب الأرض بجناحه فتفجرت المياه وأحاطتها هاجر-رضى الله عنها-بما حولها من رمال، ثم قام إبراهيم بعد ذلك بحفرها وتعميقها حتى أصبحت على شكل بئر وهذا ما قرره الجمهور.
كما اختلف المؤرخون فى تعريف سبب تسمية زمزم الشريف أيضا، ففى بعض الأقوال إنها سميت زمزم لكثرة تدفقها، وعند البعض أن تسميتها تعود إلى معنى «اجر بطيئا بطيئا» أى زم زم (١) وثبت هذا الاسم على البئر وعرف به.
وإننا سنبين فى موضوع كيفية انتقال الحكم من يد حكومة مكة إلى أيادى بنى خزاعة، أن هذا الماء ضاع وغاب فى زمن الجراهمة الذين كانوا عنوانا للضلال والطغيان، وبمرور الأيام نسى اسمه وجسمه ومكان وجوده.
وبالصدفة أقام أهل مكة صنمين لهما عند طرفى بئر زمزم الشريف الذي كان مجهول المكان.
(١) إذا عرفنا أن معنى زمزم باللغة اليونانية «قف» يجب علينا أن نحمل التسمية لهذا السبب.