المرضى، وهو أنفس أنواع الطعام، وبهذا الإيضاح وضح شأن بئر زمزم وخواص مائها».
عبد المطلب-عرف عبد المطلب بدلالة هذه الرؤيا معنى زمزم لدرجة ما؟ ولكنه لم يستطع أن يعرف موقعه بالضبط.
لذا توجه إلى الله-سبحانه وتعالى-متضرعا مبتهلا قائلا:«يا ربى العليم ومولاى الكريم، دلنى على موقع البئر الذى كلفت بحفره. وقد أصاب سهم دعاته هدفه ونال قبولا إذ رأى فى رؤياه من يقول له: يا عبد المطلب احفر بئر زمزم وإذا أردت أن تعرف مكانها فإنها بين صنمى «إساف» و «نائلة»،حيث يذبح فيه القرشيون قرابينهم وفوق بيت نمل. وغدا سيأتى غراب أبرش وينبش بمنقاره فضع علامة حيث ينبش ثم عجل بحفر وتعميق المكان الذى فيه بيت النمل فتنال مطلبك».
وهكذا وضحت الرؤيا الأمر، ولم يبق أدنى شك فى مكان زمزم، واستيقظ عبد المطلب من نومه واتجه صوب المسجد الحرام ورأى الغراب ينبش ما بين إساف ونائلة فى وقت السحر، وذهب هناك حيث وجد بيت النمل وبدأ مع ابنه الحفر فى هذا المكان ومعه أدوات الحفر مثل الفأس والمجرفة.
حينما رأى أفراد قبيلة قريش أن عبد المطلب يحفر المكان المذكور شاع الخبر سريعا فيما بينهم وهجموا على عبد المطلب قائلين:
«إننا لن نتركك تحفر المكان الذى نذبح فيه القرابين وخاصة المكان الذى يوجد فيه إساف ونائلة. وأرادوا أن يمنعوه من الحفر، وقد زادت جلبتهم وصياحهم حتى إنهم قد أطالوا الكلام والجدال وتحول الموقف إلى ما يشبه القتال فمات كثيرون».
لم يكن لعبد المطلب حينذاك أبناء غير الحارث وقد رأى أنه لن يستطيع أن يقاوم القرشيين مع ابنه، لذا ترك مقاومتهم واتجه إلى الله-سبحانه وتعالى- مخلصا يائسا «يا إلهى، إذا ما نصرتنى على قريش وأبلغت عدد أولادى إلى عشرة فإننى أفدى واحدا منهم قربانا لك» وكان هذا نذر منه.