للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبظهور بعض العلامات أدرك عبد المطلب أن دعاءه قد حاز القبول فتوكل على الله وقام بأداء ما كلف به، وغلب هو وابنه الوحيد كل قبائل قريش وكفت القبائل المعتدية يدها عنه ووقفوا فى موقف المشاهدة والتفرج.

وفى اليوم الثالث عند ما ظهرت العلامات التى تشير إلى وجود بئر زمزم مثل (١) الأسلحة وتماثيل صغار الغزلان (٢) التى ألقاها الجراهمة فى بئر زمزم، عند ما أجبروا على ترك مكة المكرمة والجلاء عنها، عندئذ قال عبد المطلب: «إن كل هذه الأشياء لدليل كاف للإثبات أن بئر زمزم فى هذا المكان» ومن فرط‍ سروره أخذ يكبر بصوت مرتفع.

عند ما سمع القرشيون تكبير عبد المطلب اجتمعوا كلهم حوله وأدركوا أنه نال مراده ورأوا الأشياء القيمة التى أخرجها من البئر فطمعوا فيها وظهرت عليهم بوادر النزاع والخصومة وقالوا «يا عبد المطلب إن لنا نصيبا فى الأشياء التى أخرجتها من داخل البئر».

لأن البئر بئر جدنا إسماعيل-عليه السلام-وهذا يوجب تقسيم ما وجدته بين أفراد قبائل قريش فقال لهم لاحق لكم فى هذه الدفينة لأنكم لم تساعدونى فى حفر البئر بل أردتم منعى من الحفر مما أدى إلى إراقة الدماء، ولكنهم اعترضوا عليه مهددين بتجدد النزاع وقالوا: «إذا رفضت إشراكنا فى المال كله فعلى الأقل نقسمه مناصفة بينك وبين القبائل، فإذا رفضت هذا الحل أيضا فإننا نقاتلك من جديد».

ولما رأى عبد المطلب أن المعارضة قد استفحلت وأنها قد تؤدى إلى قتل بعض الأشخاص، خاطب الذين استمروا فى الضغط‍ عليه «عليكم أن تختاروا حكما نافذ الكلمة ليفصل بيننا فى هذا الأمر» وقد ارتضت قريش هذا الرأى الصائب وقرروا اللجوء إلى كاهنة قبيلة «بنى سعد بن هذيم» التى تسكن قريبا من بلاد


(١) عند ما ألقى الجراهمة هذه الأشياء الثمينة فى بئر زمزم ألقوها ليخفوها عن أعدائهم ثم سدوها بالحجارة والتراب حتى يجبروا أعداءهم على ترك المكان تحت وطأة العطش.
(٢) صغار الغزلان هذه كانت مصنوعة من الذهب الخالص ومرصعة بأنواع الجواهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>