ما عرف بوجود جياد أصيلة أو إبل كريمة عند أحد الناس فيأخذ إناث هذه الحيوانات من أصحابها لزيادة نسلها فإذا ما قدم له طلبه كهدية فيعطيه فى مقابل خلقه بعض النقود أو يخلع عليه خلعة، وهكذا يراعى جانب المهدى.
أما إذا تردد صاحب المال فى تقديمه فقد كان الأمير يجمع رجاله ويهاجم هذه القبيلة بغتة، وينهب كل ما لدى هذا الشخص من خيول وجمال وأغنام، بل كثيرا ما كان يصل الاعتداء على الأرواح أحيانا، وبعد السلب والغارة، كان الأمير ينتظر بعض الوقت للراحة فى مكان قريب من هذه القبيلة، فإذا وفد إليه بعض رجالها للاسترحام وعرض الولاء والطاعة والندم كان يرد إليها أموالها ومواشيها.
ولما كان الأعراب لا يسلمون من الغارة والهجوم، لذلك لم يكن أى منهم يهتم بالثروة الثابتة، بل كان كل ثرواتهم من الأشياء المنقولة، وكانوا لا يهتمون بالعمل بالزراعة والتجارة لأنها تتطلب الإقامة الدائمة، وهم يفضلون حياة التنقل والترحال، ولذلك استنوا لأنفسهم سنة فيما بينهم تقضى بأنه إذا تعرض البعض منهم إلى النهب والسلب وسلبت كل أمواله ومواشبه، كان كل منهم يقدم إلى المغبون عونا يتمثل فى بعض الأغنام أو الإبل حتى يتلافى ما ضاع منه. وكان الجميع ملزمين بهذا القانون.
ليس للحجاز مثل البلاد الأخرى أنهار ومياه جارية وآبار ولحكمة الله ينزل المطر هناك فى السنة عدة مرات. أو فى عدة سنين مرة واحدة، لذا لم يمل سكانها للمدنية والاستقرار وتنقلوا حيثما سمعوا أن هناك أمطارا وحيثما تشبع حيواناتهم انتقلوا هناك مفضلين البداوة على المدنية. ورأوا فى التسكع هنا وهناك فخرا ولم يجدوا فيه عارا، والغرابة تكمن فى هذه النقطة.
إذا أراد أمراء العربان فى غير الحجاز واليمن أن يحضر أحد الأشخاص للمنازعة والمناقشة أو أى مطلب كان فإنهم كانوا. يكتبون على ورقة صغيرة أمر استدعائهم له ويرسلونها إلى ذلك الشخص وعندما يصله هذا الاستدعاء فإنه كان لا يتأخرو يستعجل للحضور، وهذا من ضمن أحكام قوانينهم الموضوعة، وعند ما