الحياة برحمته، هيا انهضوا لتستمروا فى الطريق سنستعين بالله تعالى»،وبتأثير هذه الكلمات المشجعة التى كانت كالماء الزلال، انبعث فى أبدان أصدقائه الذين كادوا أن يهلكوا قوة كافية، وجهز كل واحد منهم دابته للسير.
أما رجال القبائل المعارضة كانوا يراقبون حركاتهم متيقظين مبتهجين وهم يرون المصيبة الشديدة التى تعرض لها عبد المطلب وأصحابه بسبب قلة الماء ويتحدثون فى استهزاء.
وعند ما امتطى عبد المطلب جواده وأراد أن يستمر فى السير تفجر من تحت قدمى دابته التى تحركت للسير ماء عذب سائغ ولما رأى عبد المطلب وأنصاره هذه النعمة غير المنتظرة فرحوا فرحا شديدا بالماء وكبروا كلهم فى صوت واحد ونزلوا عن جيادهم وشربوا الماء مكبرين حتى ارتووا وملئوا جرارهم، وقربهم ودعوا معارضيهم الذين كانوا قالوا لهم، إننا نرفض أن نعطيكم شربة ماء وقالوا لهم، إن الله-سبحانه وتعالى-قد سقانا وأحيانا بظهور هذا الماء وهو يكفى لنا ولكم اشربوا كما تشاءون واملئوا قربكم، ربما لا نتمكن من العثور على الماء فى المسافة الباقية من الطريق.
وتحير القرشيون مما ناله عبد المطلب من نعمة غير مرتقبة واستغربوا ثم تذكروا موقفهم منه وإساءتهم إليه بمنع الماء عنه فعلاهم الخجل واستحيوا وقالوا لعبد المطلب لقد فصل الله فى قضيتنا بظهور هذا الماء لم يعد لنا حق المعارضة فى ماء زمزم.
وما دام الله الوهاب الذى لا يمن عليه-جل شأنه-قد من عليك بإظهار هذا الماء وأنقذك من العطش فلا شك أنه قد أنعم عليك بزمزم المكرم والأشياء القيمة التى ظهرت فى بئر زمزم.
فكل هذه الأشياء حقك الحلال فتصرف فيها كما تشاء، ولم تعد هناك حاجة إلى حكم الكاهنة. ثم رجعوا جميعا بعد ما أقنعوا عبد المطلب بالعودة.
سعد عبد المطلب مما أظهره أفراد القبائل المختلفة من احترام وندموا على ما بدر منهم، لذا دعاهم كلهم بمجرد عودته إلى مكة المعظمة وخطب فيهم قائلا: