أستطيع أن أدعو هؤلاء جميعا حتى يؤدوا مناسك الحج والطواف آتين من الشرق والغرب» فتلقى هذا الجواب ذا الحكمة:«يا إبراهيم؟ فإذا ما دعوتهم بصيحة عالية فإننا نوصل صوتك إلى آذان الخلائق كلهم».
حينئذ اتجه للجهة اليمنى من باب الكعبة السعيدة حيث كان قد ترك المقام الشريف وصعد فوق الحجر حتى صار مساويا للجوهر وسد أذنه بأصابعه وصاح متجها إلى الشرق والغرب:«يا عباد الله إن الله-سبحانه وتعالى-أمركم أن تحجوا إلى الكعبة الشريفة التى أمرنى ببنائها وأن تطوفوا حولها، فأسرعوا إلى إيفاء هذا الغرض تكونوا قد استجبتم للدعوة الإلهية التى تستوجب المغفرة.
وبهذا القول البليغ ذاع الأمر الإلهى وأعلنه على العالم وقد سمع نداء الخليل سواء من كان حاضرا فى وقتها أو من كانوا فى أصلاب آبائهم أو فى أرحام أمهاتهم والذين قدر حجهم فى العالم الأزلى من الأمة واستجابوا قائلين «لبيك».
رواية: قد سر حضرة الخليل من استجابة الأمة المحمدية قائلين «لبيك» وقال «يا ربّ إننى أريد أن أستضيف هؤلاء» وبالأمر الإلهى أخذ قبضة من تراب الأرض ونثره إلى الجهات الأربعة وفى الأماكن التى أصابها التراب المنثور ظهر الملح وإن هذا المعدن سيكون وليمة مقدمة إلى أهل الأرض إلى يوم القيامة بطلب من إبراهيم وباستجابة الله-سبحانه وتعالى-لدعائه وحيا.
وإذا قيل ألم يكن قبل ذلك ملح؟ يجاب عليه أن الله-سبحانه وتعالى-علق ظهور المعادن لسبب ما وكان نثر إبراهيم-عليه السلام-التراب سببا فى ظهور الملح. «محاضرة الأوائل».
كان أول من أحس بصيحة دعوة إبراهيم أهل اليمن وعند البعض أن جرهم كان أو أول من سمع الدعوة ومع ذلك فجرهم من أهل اليمن.