وأعد كلا الطرفين من فى جانبهما من المتحاربين وتهيئا للقتال والمبارزة والحرب ووجهوا كل ما فى طاقتهما للصراع الشرس وتشابكا.
ولاحت علامات النصر والظفر فى جانب قصى بن كلاب بن مرة وانفرد ابن كلاب بإدارة الحكومة الجليلة للحرم الشريف ورئاسة القبائل، وطرد آل خزاعة من أرض مكة المباركة العطرة وأقصاهم عنها، وتأمر ذوو الشأن وكبار القبائل التى انطوت تحت جناح ابن كلاب، برئاسته واستقلاله فأظهروا له الولاء والتبعية والاستسلام.
وقد أورد مؤلف كتاب «الاكتفاء» هذه القصة بطريقة أخرى إذ قال: «عند ما توفى كلاب بن مرة» كان ابنه قصى حديث الفطام من الرضاعة وتزوجت أمه فاطمة بنت سعد من ربيعة بن خرام من قبيلة قضاعة. واصطحب ربيعة هذا فاطمة أم قصى. إلى بلاد بنى قضاعة وأنجبت من زوجها الجديد غلاما اسمه «زراح».
تربى ابن كلاب مع أخيه من الأم «زراح» وعند ما بلغ سن الرشد، ذهب إلى مكة المكرمة مع حجاج بنى قضاعة للزيارة وبعد الحج أقام بجوار حرم الله وأعلن لأهل مكة أنه من فروع نسل إسماعيل وتزوج من «حبى» ابنة حليل بن خبشية وهو من رؤساء آل خزاعة وهناك قول أن اسمها «حسبا» وفى رأى أنها عاتكة بنت فالج فأصبح بذلك ذا عزة وشأن.
وأنجب قصى أربعة أبناء يتصفون بالشجاعة هم: عبد الدار وعبد مناف وعبد العزى وعبد قصى وبعد ذلك انتزع سدانة الكعبة المباركة وإمارة مكة المكرمة من أيدى بنى خزاعة وكانت حكرا لهم.
وأخذ يفكر فى وسيلة لإلغاء نظام «الإجازة» الجائرة التى كانت مرعية بين العرب لكنه كتم آماله فى قلبه إلى أن يجد طريقة لتنفيذها فى ذهنه. وأدرك أن هذا الأمر فى حاجة إلى إعداد قوة عسكرية كبيرة وتهيئة الأسباب التى تحقق هذا.