لرفاقه فى مجلس اللهو، إنه لا يهمه أن يبادل مفتاح كعبة الله الأمانة الكبرى بقدح من خمر.
وتداولت الألسن هذه الشائعة حتى بلغت سمع قصى بن كلاب فأخذ لتوه قربة شراب وأعطاها (١) لأبى غبشان وأخذ منه المفتاح الشريف فى حضور عدة أشخاص وأرسل ابنه عبد الدار ليلا إلى مكة المباركة، يبلغ أهلها بالأمر فأصبح بهذا صاحب المفتاح الشريف، وسعد أعظم سعادة.
وعند ما أفاق أبو غبشان واسترد وعيه أراد أن يسترد مفتاح الكعبة من ابن كلاب، ولكن الأمر كان قد شاع بين أهل مكة ولما رفع الأمر إلى ما يشبه المحاكمة بين المتخاصمين ثبت بشهادة الشهود أن أبا غبشان قد أضاع المفتاح وليس له أحقية فى استرداده وضربت الأمثال فى ذلك إذ يقال «أحمق من أبى غبشان» و «أخسر من أبى غبشان».
ويضرب العرب-الآن-مثل «أخسر صفقة من أبى غبشان» للذين يخدعون فى البيع والشراء والذين يتعرضون لمصيبة كبيرة.
وقد انزعج أشرار بنى خزاعة لامتلاك ابن كلاب للمفتاح الشريف، وكثر القيل والقال فى هذا الموضوع وأخذت نار الخصام تشتعل بينهم لأتفه الأسباب فى مبدأ الأمر إلى أن اندلعت فتنة عظيمة أدت إلى الحرب.
ولما كان طالع الحرب فى عون قصى، فقد سعد بشرف الحصول على إدارة حكومة مكة.
وفى أثناء اتحاد آل خزاعة ضد ابن كلاب، جمع قصى قومه من قريش وبنى إسماعيل للتصالح والاتفاق مع آل خزاعة فى مجلس صلح، ولكن بمجرد النقاش فى الموضوع ارتفعت الأصوات وتحول النقاش الجارى بينهما إلى نزاع وشجار.
(١) يروى أيضا أن «قصى» أعطى أبا غبشان فى تلك الليلة مع قرية مملوءة بالخمر خروفا أيضا.