للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم، وإذا جلست تحت شجرة جافة، إذا بها تخضر وتكتسب نضرة وعند ما أبرح المكان تعود الشجرة متلفة الساق إلى حالتها الأولى.

وهكذا كان ينقل لوالده ما رأى من الخوارق بعين بصيرته وبصره فقال له أبوه: يا بنى إننى أبشرك وأهنئك بحملك النور المحمدى، وقد بشرت بهذا عدة مرات وكل الرؤى التى رأيتها قبلك-تدل على أنه سيولد من صلبك الشريف من سيزين القماط‍.

والواقع أنه كلما كان يتقرب من اللات والعزى وهى من أكابر أصنام قريش كانا يخاطبان عبد الله بصوت مشابه لصوته قائلين: أنت لا تحفل بنا ولا تعبدنا! إن النور الذى سيضئ الدنيا قريبا ذلك النور الذى فى ظهرك هو نور محمد عليه سلام الله الأحد، وإن صاحب هذا النور سيحطمنا كما سيحطم كل الأصنام ويقضى علينا جميعا.

ولدلالة الأسباب الظاهرة السابق ذكرها أحب عبد المطلب ابنه عبد الله أكثر من بقية إخوته ولأجل ذلك كان يخاف عليه حتى من هبوب الرياح ومع ذلك كان يثق أيضا فى السهام التى بجانب هبل عند إجراء القرعة بالقدح (١).

وبناء على ذلك عند ما أصابت القرعة اسم عبد الله وقضت بذبحه راح الأب فى بحر عميق من التفكير، وبعد ما أفاق من تفكيره قال: ما العمل؟ هكذا قدر الله ثم أخذ والد النبى ذا المكانة العالية إلى جوار الصنم الذى أطلقت عليه قريش اسم إساف (٢) وأرقده على الأرض. وبمجرد أن علم عباس الأخ الأكبر لعبد الله بما ينوى الأب لأخيه أسرع إليه، وأدركه وسحب أخاه من تحت يدى والده عبد المطلب. وفى أثناء هذا جرح عبد الله فى وجهه، وظل أثر هذا الجرح ظاهرا إلى أن توفى.


(١) القدح يطلق على السهم الذى بلا ريش. ويطلق على السهم السابع فى الميسر القدح المعلى، ونصيب هذا السهم عند أهل الجاهلية يفوق أنصبة السهام الأخرى، وكان أهل الجاهلية يلعبون القمار بهذه السهام ويتفاءلون بها، ومن يريد معرفة مزيد من المعلومات حول كيفية لعب الميسر أو كيفية التفاؤل بها يمكن أن يتفضل بالرجوع إلى البحث الخاص بإجراء القرعة عند العرب.
(٢) كان هذا الصنم من قبل بجوار بئر زمزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>