وقد ثبت من هذه الحكاية إلى درجة ما شأن قراءة الطالع فى الجاهلية، وأحوالهم فى مد الناس بالأخبار واستراق الشياطين السمع لمعرفة الأخبار من السماء.
وفى الواقع أن مردة الشياطين كانوا يسترقون السمع فى السماء لمعرفة الأحداث إلى زمن ولادة عيسى-على نبينا وعليه السلام-ويلقون بالأخبار إلى قلوب الكهنة. وقد انقطعت ثلث الأخبار التى تأتى بواسطة استراق الشياطين السمع فى السماء فى زمن عيسى-عليه السلام-وانقطع ثلثاها الباقيان بولادة نبينا الذى بعث رحمة للعالمين وهكذا لم يبق أثر من استراق السمع، ولم يبق مجال لأخبار الكهنة.
وقد عرف عبد المطلب بالطريقة التى أوجدت بها سجاح فى إجراء القرعة، واتبع عبد المطلب الطريقة كأنها دستور مكتوب، وضرب القرعة فخرجت تسع مرات واحدة تلو الأخرى على عبد الله وأصابت فى المرة العاشرة اسم الإبل، ولما كان عدد الإبل الذى تجرى عليه القرعة قد بلغ المائة ناقة قالت قريش: يا عبد المطلب إذا ذبحت هذه النوق المائة قربانا تكون قد أوفيت بنذرك، وأديت حق الله وأخبروه بما وصفت به سجاح.
ولكن عبد المطلب لم يلق سمعا إلى قول سجاح ولا إلى أقوال قريش، وقال: لا والله حتى أضرب عليها ثلاث مرات فضرب فخرج القدح على الإبل فى المرات الثلاث.
ولما رأى عبد المطلب ذلك قام فذبح مائة من الإبل ووزع لحمها على أهل مكة طلبا لرضاء الله، وأفهم الناس أن دية الرجل بين العرب ستكون مائة من الإبل بمقتضى ما حدث.
قد ظل حكم عبد المطلب هذا مرعيا إلى ظهور نور النبوة، وقد أبقى صاحب الشريعة-عليه أكمل التحية-هذا الحكم نافذا بحيث تكون دية الرجل مائة من الإبل.