وبعد مضى الوقت امتلأ المخزن وجوف الكعبة المنير بالهدايا مما دفع بعض السفلة من الناس إلى مد يدهم لسرقة أشياء من هدايا الكعبة عند ما كانت تسنح لهم الفرصة وعند ما ضبط بعضهم متلبسين بالسرقة قطعت أيديهم ليكونوا عبرة للآخرين. وسقط بعضهم وهلكوا وهم يمدون أيديهم ليسرقوا الأشياء المحفوظة.
بينما ضل أقوام الجراهمة فى مكة المعظمة ورفضوا الاستماع إلى نصائح «مضاض بن عمرو بن الحارث بن مضاض» مقتدين بشقى يسمى «مجدع» اتبع أحد التعساء إغواء نفسه ونزل فى داخل الخزانة المذكورة ليسرق الأشياء المحفوظة فيها ولحكمة ما انهارت جهات الخزينة الأربعة فجأة وهلك الشقى تحت الأنقاض.
وفى رواية أخرى أن الشخص الذى دخل كعبة الله كان معه أربعة من رفقائه وأن كل واحد منهم وقف فى ركن من أركان البيت المحترم وحملوه على أكتافهم وأنزلوه فى داخل كعبة الله وكان غرضهم أن يسرقوا الأشياء الثمينة التى فى داخل الكعبة، بأن يناول كل واحد منهم الآخر الأشياء المسروقة إلا أن الشخص الذى رفع إلى أعلى جدران الكعبة زلقت رجله ووقع على أرض المطاف ومات، أما رفقاؤه فهربوا حتى لا يقعوا فى أيدى السلطة.
وبناء على ذلك خلقت تلك الحية التى سبق ذكرها وظلت تحرس وتحفظ خزينة كعبة الله ما يقرب من خمسمائة سنة وكانت تتراءى فوق جدران الكعبة كما سبق توضيحه وتثير الخوف والدهشة فى الأطراف.
وحينما رأى أهل مكة هلاك الحية بهذه الصورة اعتبروا هذا إيذانا من قبل الله بعمارة الكعبة وسروا بذلك وابتدروا فى هدم بنائها.
وبينما كان القرشيون مشغولين بهدم الجدران ضرب أبو وهب عمرو بن عائذ بن مخزوم-خال والد مجدد بنيان الشريعة رصينة الأركان عليه أقوى التحية- على حجارة بفأسه وأخذ قطعة منها.
إلا أن تلك القطعة طارت من يد عائذ وعادت إلى مكانها القديم، وقال عائذ لعظماء قبيلته وقد اهتز وخاف من وثوب قطعة الحجر طائرة من يده إلى مكانها