للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القديم قائلا: يا معشر قريش يجب أن نتجنب إعمار البيت من مال الربا والفواحش والأموال المشكوك فيها والتى جمعت بالظلم ويجب أن نحرص فى بناء بيت الله على إنفاق المال الحلال.

وأراد بهذا أن يبين لأهل مكة أن إعمار بيت الله يجب أن يتم بالمال الحلال، وبناء على هذا جمع أهل مكة للمرة الثانية ما استطاعوا جمعه من المال الحلال، وسلموه إلى اللجنة التى تشكلت للاهتمام ببناء وتجديد بيت الله.

ولكن مع هذا لم يكونوا واثقين من مدى حلّيّة النقود التى جمعوها أول مرة والتى أنفقت فى سبيل تجديد بيت الله، لذا خافوا من نزول المصيبة بهم إذا شرعوا فى هدم بيت الله وترددوا كثيرا، وفى النهاية خاطبهم وليد بن المغيرة قائلا: يا قبائل قريش إذا كنتم فعلا تنوون إصلاح كعبة الله فالله لا يهلك المصلحين. ثم أخذ فأسا وأخذ يهدم بمفرده جدران بيت الله. ومع ذلك لم يتجرأ أحد من قريش على المشاركة فى هدم البيت وظلوا ينتظرون ما سوف يحل وليد، ولما رأوا أن وليد قد نجا من أى ضرر اتفقوا جميعا على هدم البناء وفى ختام الهدم اقتسموا بناء البيت، بناء على رأى عائذ وتعهد بنو عبد مناف مع بنى زهرة ببناء الجهة التى يوجد فيها باب الكعبة العالى كما تعهد بنو مخزوم وبنو تميم وبعض القرشيين ببناء ما بين الركنين الشرقى واليمانى (١) وبنو عبد الدار بن قصى وبنو أسد ابن عبد العزى بن قصى وبنو عدى بن كعب بن لؤى الجهة التى فيها الميزاب الذهبى، وبنو جمح مع بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى جهة ظهر الكعبة، وشغل بعضهم بنقل الحجارة من جبل الكعبة (٢) وحرص الآخرون على هدم البناء.

ولما هدموا جدران البناء المقدس بحثا عن الأساس الإبراهيمى ظهر حجر


(١) قد بنى هذا الركن غلام سعيد بن العاص الذى يسمى باقوم، ولما كان المذكور من أقباط‍ اليمن المهرة فى فن العمارة لذا أطلق على هذا الركن الركن اليمانى.
(٢) جبل الكعبة فى حي الشبيكة بقرب مدفن الشيخ محمود بن إبراهيم بن أدهم، وفى مكان مقابل لجبل أجياد. وكلما يقتضى الأمر تعمير كعبة الله وترميمها تؤخذ الحجارة اللازمة لها من هذا الجبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>