للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال هشام بن العاص (١):كنت أرسلت أنا وصديق لى من قبل أبى بكر الصديق-رضى الله عنه-لدعوة هرقل إلى الإسلام، وعند ما وصلنا إلى المدينة عاصمة إمبراطورية هرقل أنزلونا فى قصر غاية فى الفخامة، وبعد ثلاثة أيام استدعانا هرقل، وأجرى لنا مراسم الاستقبال، وفى أثناء الحديث أمر بإحضار صندوق كبير جدا ومزين بالذهب ذى أدراج كثيرة، ففتح أحد هذه الأدراج وأخرج منه لوحة حمراء اللون ملفوفة بقطعة قماش سوداء. وقد رسم عليها صورة شخص حسن الطلعة طويل القامة، فأشار هرقل إلى اللوحة المذكورة، وسألنا هل تعرفون هذا الرجل؟

أجبناه بالنفى. فقال: إنها صورة سيدنا آدم عليه صلوات الله الأعظم. وكانت هذه الصورة لرجل أحمر الوجه واسع العينين، ذو قامة طويلة شعره مفرق إلى جانبين وقد جدل بصورة منسقة، وبعد أن وضع هرقل صورة سيدنا آدم فى مكانها فتح درجا آخر من أدراج الصندوق، وأخرج لوحة أخرى ناصعة البياض لامعة وملفوفة داخل قطعة قماش سوداء. وكانت الصورة المرسومة فى هذه اللوحة، صورة لرجل أحمر العينين فسأل هرقل: صورة من هذه؟

وكانت الإجابة بالنص: لا نعرف!!

فقال: إنها صورة سيدنا نوح-عليه السلام-وقد رسمت هذه الصورة لرجل أبيض اللون، عيناه تميلان إلى اللون الأحمر كبير الرأس، كثيف اللحية. وفى النهاية فتح هرقل درجا ثالثا، وأخرج لفافة قماش سوداء، بداخلها لوحة بيضاء.

وكانت اللوحة تحوى صورة رجل أبيض البشرة، وضاء الوجه وكأنه يبتسم وهو فى أبهى صورة.

وسأل هرقل: أتعرفون هذا الرجل؟ ولما أخذ الرد بالنفى، قال: هذه صورة إبراهيم عليه التحية والتعظيم، ثم فتح درجا آخر، وأخرج صورة صاحبها فائق الجمال وساطع الأنوار، وتذكرنا بمحمد صلى الله عليه وسلم.

وقد بكينا فى أول مشاهدتنا للصورة كأننا رأينا حضرة صاحب الرسالة القدسية. وقد أظهر هرقل لهذه الصورة توقيرا وتعظيما أكثر من الصور الأخرى.


(١) الخبر فى دلائل النبوة ٣٨٦/ ١ - ٣٩٠ بطوله، ونظر أيضا تفسير ابن كثير ٥٦٤/ ٣ - ٥٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>