وعند ما سأل هل تعرفون صاحب هذه الصورة؟ وقد تلقى الجواب منا إذ قلنا:
إن هذا التمثال اللطيف يشبه صورة محمد عليه السلام، قال: الله يعلم أنه هو ونهض من مكانه وجلس عدة مرات. ثم قال: إذا كانت هذه الصورة هى الشكل المبارك لمحمد-عليه السلام-فاعلموا أن دينكم هو الدين الحق.
وأراد أن يبين شك فى كون هذه الصورة لمحمد-صلى الله عليه وسلم-إذ نطق بهذه الجملة.
ولكننا قلنا له: يا ملك بلاد الروم إن هذه الصورة صورة الحبيب ذى الكبرياء عليه أفضل التحيات ولا شك فى ذلك، وبها الكثير من شمائله الشريفة، حتى إننا ظننا أنفسنا فى حضرته السعيدة فائضة النور. وبهذه الإجابة زال شك هرقل إلى درجة ما، ولكنه لم يجرؤ على تصديق أن هذا التمثال صورة مشابهة لرسول الله العالى المقام، وظل يوجه إلى وجهنا نظرات بلهاء لمدة ساعة ثم أفاق، واستجمع عقله وسألنا وقد ظهرت عليه الحيرة:
احذرا أن تكونا قد أخطأتما فى تمييز صاحب الصورة إذ قد تكون لشخص آخر. ثم فتح درجا آخر وأخرج منه تمثال رجل غائر العينين متراكب الأسنان مقلص الشفتين. وكانت هذه الصورة تبدى علامات الغضب والحدة وتبعث الخوف فى مشاهديها. وإذا بها صورة سيدنا موسى بن عمران عليه صلوات الرحمن. وبجانب صورة موسى-عليه السلام-صورة أخرى تشبه صورة موسى الذات العالى إلى حد ما. أخبرنا هرقل أنها صورة هارون بن عمران- عليه سلام المنان-ثم فتح ثمانية أدراج درجا بعد درج، وأخرج من كل واحد منها صورة ملفوفة فى قطعة حرير سوداء، وقال إنها الأشكال المنيرة لحضرات سادتنا: لوط -إسحاق-يعقوب-إسماعيل-يوسف-داود-سليمان-عيسى عليهم السلام.
وكانت صورة سيدنا لوط داخل صرة من الحرير الأبيض، وتبدو صورته جميل الوجه عليها علامات الغضب. كما كانت صورة إسحاق داخل صرة بيضاء وقد رسمت بلون مائل للحمرة، وكانت صورة يعقوب-عليه السلام-داخل صرة بيضاء وكانت تشبه شكل إسحاق المبارك إلا أنها كانت تتميز بوجود خال