وقد عرف فاضل أبو الفوز البغدادى فى كتابه القيم المسمى «سبائك الذهب فى معرفة قبائل العرب» أصل هبل الذى اعتقد عمرو فى ألوهيته. وقال: إن هبل الذى حمله عمرو بن لحى من الشام إلى مكة كان تمثالا لإنسان عجيب الشكل.
وكان مصنوعا من العقيق إلا أن يده اليمنى كانت مكسورة.
وقال إن قريشا الذين صدقوا ألوهيته قاموا بتركيب يد من الذهب له وأخذوا يعبدونه مظهرين له الاحترام والتوقير والإخلاص.
قال ابن إسحاق فى تعريف هبل: هبل صنم كبير مصنوع من العقيق على شكل إنسان لكن يده اليمنى كانت مكسورة ومفقودة، ولما رأى آل قريش أنه بلا يد صنعوا له يدا من ذهب وركبوها فيه.
وكان لهبل خزينة خاصة لوضع الهدايا التى تقدم له وتحفظ فيها. وكذلك كان له سبعة أقداح لإجراء القرعة (١) ولا يمكن للذى يريد إجراء القرعة استخدام القداح ما لم ينذر بذبح مائة من الإبل. انتهى.
وبعد ذلك بمدة شاع خبر هبل الذى جلبه عمرو-متسحق الجمر-بين مشركى البدو، حيث أخذوا يوقرون ويعظمون ذلك الصنم بتحريض من عمرو وتشجيعه وأشركوا هبل المصنوع من الحجر بخالق الأفلاك-تنزهت ذاته عن الشرك- وهكذا كفروا.
ورغم أن مشركى العرب قد اعتنقوا الكفر فقد ظل بينهم بعض الأفراد محافظين على دين الخليل وتمسكوا به.
وكان هؤلاء يقومون بتعظيم بيت الله، والطواف حوله وأداء الحج ويخرجون لأداء العمرة ويصعدون عرفات والمزدلفة ويذبحون الأضاحى ويعتمرون اقتفاء لآثار سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل-عليهما السلام.
وكانت دعوة عمرو بن لحى قبائل العرب البدو لعبادة الأصنام قبل البعثة
(١) توجد معلومات وافية حول هذا الموضوع فى البحث الخاص بالقرعة عند العرب فى الجاهلية.