للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبوية بألف عام وعلى قول بثلاثمائة وخمس وعشرين سنة، وبعد فترة قصيرة كان كل ساكنى منطقة الحجاز من أولاد إسماعيل-عليه السلام-قد اتجهوا إلى عبادة الأصنام المنحوتة من الأشجار والأحجار ولهذا فإذا خرج أى واحد منهم أو أى قبيلة خارج ميقات كعبة الله كان يأخذ معه-بهدف تعظيم بيت الله-حجرا من المسجد الحرام على النحو الذى سنذكره مفصلا فيما بعد-ويضعه فى الأماكن التى ينزل فيها ويأخذ فى الطواف حوله كما كان يطوف بالكعبة.

وبمضى الوقت غاب عن الذهن سبب تعظيم الأحجار واستبدل دين الخليل بعبادة الأصنام وتحول الناس عن عبادة خالق العباد إلى عبادة الأصنام.

وبعد ذلك اهتم الذين غيروا دينهم بتعظيم حجارة المسجد الحرام حتى إنهم فاقوا فى عبادة الأصنام الضالين من أفراد الأمم الأخرى الذين يعبدون الأصنام.

وبلغ الأمر حدّا حتى إن قبيلة قريش وطائفة بنى كنانة كانوا يلبون فى وقت الحج قائلين «لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك» ويدخلون داخل الكعبة ممسكين بأيديهم غير المباركة الأصنام التى صنعوها بأيديهم، واستمر هذا الحال المشؤوم حتى يوم إشراق نور النبوة.

وخلال تلك الفترة اهتم أهل الحجاز بعمل أصنام كثيرة مثل: اللات-العزى -مناة-ذو الخلصة-ذو الكفين-ذو الشرى-قلس-رضاء-ذو الكعبات وغيرها من الأصنام وقد سميت بعض هذه الأصنام بأصنام عبدة الأصنام فى عهد نوح-عليه السلام.

وقد ظهر فى الفترة التى بين آدم ونوح-عليهما السلام-خمسة أشخاص (١) وكانوا حريصين على طاعة الله وعبادته وبهذا نالوا حب الناس واحترامهم وعند ما أتم هؤلاء آجالهم وارتحلوا إلى عالم العقبى لم يستطع أولادهم وأتباعهم أن يتحملوا آلام فراقهم وتحسّروا عليهم، فصنعوا-بإيعاز من الشيطان-لكل واحد منهم صورة ليعلقوها فى مساجدهم. وفعلا قد وضعوا هذه الصور فى مساجدهم وظلوا يزورونها بكثرة ليخففوا شدة حزنهم وليزيلوا وطأة حسرتهم.


(١) توجد تفاصيل وافية فى هذا الموضوع فى البحث الخاص ببدء ظهور الأصنام.

<<  <  ج: ص:  >  >>