للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حضرة عبد الله: كان الصنم الذى نعبده ونقدسه «سواع» وكنت أعتقد كما يعتقد أفراد القبيلة التى أنتسب إليها أن سواع قادر على فعل كل شئ وبناء على هذا الظن كنا نعبده ونجله وبدا يظهر أشياء خارقة ولعله نتيجة لإيماننا به-وهذا مما زاد وقوى عقيدتنا فيه. وأنا أيضا ذهبت إليه يوما من الأيام حاملا معى غنما مصابا بالجرب طلبا للشفاء عنده. وإذا بجن فى بطن سواع يخاطبنى قائلا: وآسفا-أن الستائر قد أسدلت وقد صعق الجن بالشهب الأصنام فقدت حكمها وسيطرتها. قد نزل خير الكتب (١) وبعث خير العرب (٢).وهذا كان مفاد (٣) كلماته.

وعند ما سمعت هذا القول. رجعت إلى بيتى وكرهت عبادة الأصنام وأسرعت لاستكناه الأحوال ومعرفة الأخبار فعلمت أن النبى-صلى الله عليه وسلم-قد بعث فى مكة المكرمة وفى الحال ذهبت هناك واعتنقت الدين الإسلامى المبين.

خرج مالك بن نفيع (٤) يوما إلى الحقول للبحث عن جمله الضائع وبعد أن ظل يبحث عنه مدة طويلة وجده فى مكان ما وعزم على العودة ولكن المساء قد فاجأه ولم يرد أن يسير ليلا كعادة العرب ونام فى سفح جبل وراح فى سبات.

يقول مالك هذا: بينما كنت فى حالة يقظة لم يغلبنى النوم بعد ما سمعت هاتفا يقول: يا مالك! يا مالك! لو حضرت المكان الذى برك فيه جملك قليلا ستجد شيئا يسرك ويجعلك محظوظا، فسحبت جملى إلى مكان آخر وحضرت إلى المكان الذى كان فيه جملى، ووجدت فيه صنما قد نحت على شكل امرأة فأخذته ونصبته فى نفس المكان، إن ظهور هذا الصنم ملأنى فرحا وسرورا حتى إننى وهبت أحد جمالى قربانا له وسميته غلاب وحملته على جملى الآخر وعدت إلى بلدى.

وقد حسدنى الناس على حسن حظى وأرادوا أن يأخذوه منى وينصبوه فى مكان عام، ولكننى لم أهتم بجلبتهم وصياحهم فأخذت غلاب ونصبته فى مكان معين من بيتى.


(١) هو القرآن الكريم.
(٢) هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
(٣) لابد أن هذا الجن كان كافرا لأنه يتأسف على نزول القرآن وبعث نبينا صلى الله عليه وسلم.
(٤) مالك وأخوه حارث بن نفيع الأنصارى من الصحابة الكرام. انظر الإصابة ٨٤/ ٧ ترجمة ٥٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>