للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحينما أخذت غلابا إلى بيتى كنت قد نذرت أن أذبح له كل يوم قربانا وذبحت فى ظرف ثلاثة أيام ما كنت أملكه من الأغنام ولما لم يبق معى ما أقدمه له قربانا ذهبت إليه لأعتذر له.

وعندئذ خرج من جوف الصنم صوت يقول: يا مالك! يا مالك! لا تأسف على مالك الذى تلف بل أذهب إلى جانب البئر الواقعة فى بلاد قبيلة «أرقم» فستجد هناك كلبا أسود، فخذه واذهب إلى الحقول للصيد فتغتنى.

بعد ما وضح مالك ما قال غلاب وعرفه قال وهو يبين كيف وجد ذلك الكلب وكيف استخدمه فى الصيد بالأمر: خرجت إلى الطريق وذهبت إلى البئر التى فى بلاد قبيلة أرقم فاستقبلنى كلب أسود فربطته من عنقه وأخذته معى وتوجهت إلى الحقول للقنص، وسرنا فى الحقول مدة وإذا بالكلب الذى فى يدى قد رأى غزالا وهاج حتى كاد أن يقطع الحبل الذى فى عنقه، ولكننى ترددت فى إطلاقه وفى نهاية الأمر أطلقته فجرى الكلب وقبض على الغزال.

وإننى قد سررت من جهد الكلب ورجعت إلى البيت وذبحت الفريسة قربانا لغلاب، وهكذا خرجت للصيد فى اليوم الثانى والأيام الأخرى حتى أصبحت من عادتى أن أخرج للصيد وأذبح ما أصطاده قربانا لغلاب وأوزع لحمه.

وفى يوم معهود جرى الكلب وراء نعامة ولكنه لمح فى الطريق غرابا، ونفر منه وتراجع، وكاد أن يدخل بين أرجل الفرس التى كنت أمتطيها. وبما أننى لم أر الغراب استغربت من حالة الكلب وترجلت من الدابة لأستطلع الأمر. حينما رآنى الغراب خاطب الكلب قائلا: يا كلب فأجابه الكلب ماذا يوجد؟ لقد هلك هذا وظهر الإسلام وأسلم أنت أيضا لتجد النجاة!! وعند ما قال هذا اختفوا فجاءة من أمام عينى وأعتقد أن كلاهما كان من الجن والسبب فى دخول «ابن النفيع» فى الإسلام كان هذا الحادث.

اتفق أن «مالك بن مرداس السلمى» كان يتجول بين أشجار النخيل، وفى وقت الظهيرة ظهر رجل يرتدى ثوبا أبيض من أخمص قدميه إلى أعلى رأسه وهتف له قائلا: يا عباس بن مرداس! إن الشياطين والجن الذين يسترقون السمع للأحداث السماوية قد تفرقوا وإن أحوال الدنيا قد تغيرت-من أولها إلى آخرها-

<<  <  ج: ص:  >  >>