للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند ما شاع بين سكان اليمن متانة بيت القليس ورصانته أخذ أبرهة يبعث الرسائل والرسل إلى سكان اليمن ومن حولها، ويقول مفتخرا مباهيا إننى قد وفقت فى بناء معبد فخم وضخم لن ينس العرب معه اسم الكعبة فقط‍ ولكنهم سيأنفون من ذكر اسمها.

وأخذت مثل هذه الأخبار تنتشر تدريجيا فى بلاد الحجاز حتى ذكرت فى خيم البدو واستثقلها القرشيون؛ لذلك اختاروا شابا بطلا من سادات العرب يتصل بنسب بنى فقيم بن مالك ومن قبيلة كنانة وهو «نفيل بن حبيب الخثعمى»،وبناء على القول المختار «قلمس (١) بن عبد الله بن فقيم بن عدى بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر» من أهل نسئة، ومعه رفيق شجاع وذهبا إلى صنعاء ودخلا فى بيت القليس حيث قضيا حاجتهما ثم لطخا جدرانه بالقاذورات لينفرا أهل اليمن من زيارة الكنيسة، وأرادا بهذا أن يلمحا أن الدار القذرة التى يلجون فيها صبح مساء لا تصلح إلا أن تكون بيت خلاء.

لما عرف أبرهة ما جرى زاد غضبه وحزنه وتألم جدا، ولما عرف أن الذين تجرأوا على فعل ما حدث هم من سكان مكة المكرمة أقسم على هدم وتخريب الكعبة المعظمة وقال: «إننى أستطيع أن أثأر من العرب بهدم البيت المعظم بالفيلة» وأعد جنده وجمع-بناء على قول-فيلين مشهورين، وعلى قول ثمانية أفيال، وفى رواية أخرى عشرة وعلى قول اثنا عشر أو ثلاثة عشر وبناء على روايات أخرى ألف فيل أو أربعة آلاف (٢) فيل شجاع كما أخذ معه فيل النجاشى المسمى محمود (٣) وساق كتائبه وجيشه نحو مكة سنة «٥٧٠ م».

اقتنع أبرهة الذى أعد كل هذه الفيلة وكل هذه الحشرات الحبشية لإدارة الأفيال عندما رأى كل هذه القوة بأنه لن يتعب فى هدم الكعبة المعظمة.


(١) قلمس بن عبد الله بن فقيم فهو من أفراد أهل نسأة، اسمه الحقيقى «حذيفة» والزمن الذى ينتسب له يقال له «دور نسأة» أيضا. قيل ذلك لبنى فقيم لأنهم كانوا ينسأون الشهور. انظر المعارف لابن قتيبه ص ٦٠، ولسان العرب مادة نسأ
(٢) كان ثلاثة عشر فيلا من هذه الفيلة مدربين أحسن تدريب بينما كان الباقى من الفيلة العادية.
(٣) كان هذا الفيل أبيض اللون ويسمى محمودا وكنيته أبو العباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>