للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند ما أرسل أبرهة (١) الطلب إلى النجاشى أخذ يحفر أسس المعبد وفى ظل نفوذه وقوة دولته أخذ يستدعى من البلاد البعيدة الأساتذة من المهندسين والمتخصصين فى فن العمارة وجلب أنواع الرخام الصافية اللامعة كالفضة وأعمدة متنوعة وملونة ومتينة وحجارة قيمة ملونة ذات أشكال مختلفة والحجارة المنتزعة من قصر بلقيس ذات نقوش ومرصعة بالذهب والفضة وبنى فى صنعاء (٢) اليمن عاصمة ملكه، كنيسة تثير الحيرة والدهشة بما تحتوى فى خارجها وداخلها من اليواقيت والمجوهرات التى رصعت بها الجدران كما صنع فيها منابر مصنوعة من الأبنوس والعاج ووضع فى أرجاء الكنيسة المذكورة أصناما مصنوعة من الذهب والفضة، وعلق فى أبراجها نواقيس ضخمة ثم أعلن وأشاع (٣) فى أطراف الجزيرة أنه سيمنع الناس من زيارة الكعبة والطواف حولها وسيجبرهم على زيارة كنيسته هذه.

وبما أن الكنيسة قد بنيت فى مكان عال كما كان مبناها شاهق العلو فأطلق عليها بيت (القليس) إيماء إلى علوها. ثم بعث الرسل يدعون الناس لزيارة الكنيسة والحج إليها.

وكان غرض أبرهة من هذا صرف أبناء العرب عن زيارة الكعبة والحج إليها مرة فى السنة ويحملهم على التوجه إلى كنيسة صنعاء باليمن.

وعلى هذا أكره العرب على زيارة بيت الأصنام الذى فى صنعاء وتوجهوا إليه وأصبحوا لا يريدون أن يروا وجوه الذين يتحدثون عن هذا المعبد المنحوس، وبناء على كراهيتهم الشديدة لهذه الكنيسة قتل أفراد قبيلة كنانة، الرسول الذى بعثه «أبرهة بن صباح الأشرم» ليدعوهم، فقتلوه رميا بالسهم.


(١) لم يشر أبرهة فى طلبه الذى كتبه للنجاشى إلى عزمه على هدم الكعبة حتى لا يغضبه.
(٢) إن مدينة صنعاء الشهيرة فى القسم الخامس من أقسام البلاد اليمنية وعاصمة البلاد الكائنة فى هذا القسم وتقع بين درجة (٥) (٢٢) دقيقة فى العرض الشمالى وبين (٣٢) درجة و ٤٤ دقيقة فى الطول الشرقى وفوق صحراء واسعة.
(٣) وقد روى هذه الواقعة أبو الوليد وابن هشام وابن إسحاق وإن كان فى أقوال كلهم زيادة أو نقصان إلا أن كلها مؤيدة لرواية ابن إسحاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>