اطلع يزيد على ما حدث وأراد أن يؤدب أهالى المدينة المنورة ومكة المكرمة، وأرسل جيشا تحت قيادة الخائن «مسلم بن عقبة المزنى» وزوده بتعليمات غير لائقة، إذ أمره أن يجرى مذبحة فى المدينة المنورة وينهب أموالهم، وبعد ذلك يتجه إلى مكة المكرمة حتى يقبض على ابن الزبير ولما كان مسلم عازما على تنفيذ أوامر سيده حرفيا تعلم من «عبد الملك» فن الدسائس والحيل وطبقه على أهل المدينة، وقتل منهم ستة آلاف أو أربعة آلاف بناء على قول آخر، ثم اتجه إلى مكة المكرمة وبعد مرور ثلاثة أيام من خروجه من المدينة ساء مزاجه ويئس من حياته.
استدعى بناء على الأمر الذى كان تلقاه من يزيد فى الشام «حصين بن نمير الكندى» وقال له: قد عينتك قائدا لهذا الجيش. يجب أن تصل إلى مكة وتعلن الحرب وتشعل نار القتال حتى تقبض على ابن الزبير. ولا تقل إن مكة بلد الله، كيف نحارب جيران بيت الله؟ بل من واجبنا أن نحترمهم ونرعاهم؟! بل بادر بنصب المجانيق على رءوس الجبال، وألق الحجارة على كعبة الله ناويا تخريبها حتى تثير الفزع فى نفوس الناس وحاصرهم، وضيق عليهم سبل العيش، قال هذا وانحدرت روحه إلى جهنم وهلك عند ما وصل إلى جبل مشلل.
حدثت وقعة المدينة المنورة المذكورة الأليمة سنة ٦٢ هجرية (١) الموافق ٢٨ من ذو الحجة وفى يوم الأربعاء، وكان عدد الذين نالوا ثواب الشهادة من أهل المدينة المهاجرين والأنصار ٧٠٠ شهيد وكان الباقى من التابعين والموالى.
قد تعرضت المدينة المنورة فى تلك الوقعة للنهب والسلب مدة ثلاثة أيام، وأكثر من ألف امرأة للاغتصاب على ما ينقله الرواة.
قد ذكرت بالتفصيل كيفية وقوع حادثة المدينة فى بحث وقعة الحرة وفى الصورة التاسعة من الوجهة الثالثة من مرآة المدينة فمن يرغب الاطلاع عليه الرجوع لهذا الكتاب.