للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انهارت كلها وعجزت أتربة البيوت ومبانيها عن الوقوف أمام السيل الجارف فانحرفت أمامه كأنها دليل يقود السيل إلى ساحة الحرم الشريف.

ولا يخمن (١) عدد الذين ماتوا تحت أنقاض الحوانيت والمدارس التى تعرضت للسيل الشديد.

وكانت جدران البيت المعظم قد أوشكت على السقوط‍ بعد وقت قليل من أداء صلاة العصر من يوم الجمعة من الحادى والعشرين من شعبان المعظم وفى اليوم الثانى من دخول السيول داخل الحرم الشريف انهارت جدران (٢) الركن الشامى والركن العراقى فجأة. واختلط‍ صخب الانهيار بأصوات الرعود والصواعق.

فاستولى على أهل مكة خوف شديد حتى إن بعضهم ماتوا من شدة الفزع. قد حير انهيار جدران بيت الله أهل مكة وملكتهم الدهشة حتى ظنوا أن ما حدث فى ذلك اليوم علامة من علامات يوم القيامة. وهاموا على وجوههم مشتتين ولم يعرفوا ماذا حدث لهم، حتى تاه الأبناء عن الآباء والأمهات وشغل الآباء والأمهات عن أولادهم فلم يسأل أحدهم عن الآخر.

وظلت المياه داخل الحرم ثلاثة أيام بعد انقطاع السيل وفى اليوم الرابع فتحت ممرات السيول وأخذت المياه تنسحب من داخل الحرم قليلا فقليلا تاركة خلفها ما جرفته السيول من الحجارة والأوحال التى كونت هنا وهناك مرتفعات تبلغ قامة رجل.

قد عقد-فى ذلك التاريخ-أمير مكة المعظمة الشريف (مسعود بن إدريس) اجتماعا فى داخل الحرم مع الطبقة المختارة من الأشراف وسكان مكة وبعد التشاور أسرعوا بإنزال القناديل الذهبية والفضية المعلقة فى داخل بيت الله وبعد ذلك أخبروا الركاب السلطانية ما حدث فى أثناء السيل أوصلوا خبر انهيار بيت الله بواسطة محمد على باشا والى مصر.


(١) قد روى بعض المؤرخين أن عدد القتلى الذين أخرجوا من تحت الأنقاض فيما بعد بلغ ألفا.
(٢) قد انهارت جميع جهات البيت باستثناء الركن اليمانى.

<<  <  ج: ص:  >  >>