وإن كان محمد على باشا قد عرض الخبر على السدة السلطانية حتى يتخذ القرار إلا أنه قرر أن يعد الآلات والأدوات اللازمة لتعمير بيت الله لأنه رأى أنه ليس من الجائز ترك الكعبة فى هذه الحالة والخبر المرسل إلى السلطان سيتأخر لبعد المسافة بين البلدين.
وكتب رسالة إلى مصطفى أغا أمير جدة يأمره بأن ينصاع لكل ما يطلبه منه الشريف مسعود كما أبلغ الشريف أنه يجب تخلية الحرم الشريف مما جرفه السيل وتطهيره وأن يطلب من مصطفى أغا كل ما يلزمه فى سبيل ذلك إلى أن تصل الإدارة السنية من دار السعادة.
واستحضر الشريف «مسعود» بعون أمير جدة «مصطفى أغا» ومهندس مكة المشرفة على «بن شمس الدين أفندى» المقدار الكافى من الأخشاب وأحاط جدران البيت التى نجت من السقوط بأحزمة من ثلاثة أماكن حتى يقويها ثم أقام دعامات كبيرة حول أركان البيت الأربعة بقصد حفظ السقف الشريف للبيت من السقوط ثم ربط هذه الدعامات بعضها ببعض وأحاط بيت العزة حتى سقفه بألواح خشبية.
قد شرع فى هذه العملية يوم الخميس التاسع والعشرين من شهر رمضان من السنة المذكورة وانتهى العمل فى ترميم البيت فى ظرف ثلاثة عشر يوما أى فى يوم الأحد الثالث عشر من شهر شوال وفى هذه الفترة صنعت كسوة من قماش عادى باللون الأخضر وكسيت بها الكعبة العليا يوم الخميس السابع عشر من شهر شوال.
من البديهى أن انهيار كعبة الله قد أزعج المسلمين فى جميع أنحاء العالم إلا أن انزعاج المصريين (١) كان أشد لقرب المسافة بينهم وبين مكة المكرمة.
وأخذوا يبرزون شدة تأثرهم بأقوال مثل: أن موسم الحج قد اقترب ولم يرد
(١) لأن المصريين أول الناس الذين أخذوا خبر انهيار البيت.