كعبة الله بالذهب، ثم قدم عطايا وفيرة ثم اشترى المنازل التى بين المسجد الحرام والمسعى الشريف، وأمر بأن تلحق بالحرم الشريف وعاد.
وبناء على ما يرويه المؤرخون الذين اهتموا بما وزعه المهدى وأعطاه لأهل مكة من العطايا الملكية ونوعها ومقدارها فى ذلك العام إذ أنفق الخليفة فى تلك السنة ستمائة ألف ذهب جعفرى. وثلاثة ملايين درهم وخمسة عشر ألف ثوب من الثياب البغدادية الفاخرة وحمل خمسمائة جمل من الثلج والجليد، وهكذا حرر كل أهل مكة مما أثقلهم من الفاقة والخصاصة.
إن الشخص الذى عين فى مديرية بناء الحرم الشريف للقيام بإنجاز الأمر الصادر من قبل المهدى، استدعى أصحاب البيوت التى يقتضى هذا الأمر شراؤها، بعد عودة الخليفة وأوصاهم بأن يدفع لهم مقدار ثمانية وخمسين ألف مثقال من ذهب، ثم هدم المنازل المشتراة وضم عرصاتها إلى الحرم الشريف، وهكذا وسع الجدار الغربى للحرم الشريف إلى باب العمرة والجدار الجنوبى إلى «قبة الشرابة» المعروفة بقبة العباس وذلك فى سنة (١٦١ هـ).
وإن كان متولى أمر البناء يرغب فى توسيع الجهة الجنوبية من الحرم الشريف أكثر، إلا أن المكان الذى يلزم إلحاقه كان متصلا بمسيل الوادى ولما كان إرساء الأساس فى مجرى السيل من الصعوبة بمكان فلم يستطع توسيعه، ومع هذا قد اتسع ما بين كعبة الله المعظمة وجدار الحرم الشريف الجنوبى قدر (٦٣) قدما.
بعد ما أتم متولى أمر البناء جلب كل ما ينقص الحرم الشريف من مصر جلب أربعمائة وثمانين عمودا حجريا، وركزها فى الأماكن الخاصة وصنع فوقها أربعمائة وثمان وتسعين قبة، وهكذا أحكم قبب الحرم الشريف التى تحيط به.
ثم أنشأ بين المسعى اللطيف والحرم الشريف بقعة غاية فى الزينة التى تعرف «بدار القوارير» وفى ختام التعمير عرض الأمر على مقام الخلافة العالى.