وأراد الفاروق الأعظم في عهد خلافته أن يقسمها بين المسلمين وأن يوزعها عليهم إلا أن أبا شيبة بن عثمان - رضي الله عنه المنان - قال له:
«يا عمر: كيف تتنكب أثر النبي الكريم والصديق المحترم؟ وقد نبتا في حياتهما على الاحتفاظ بتلك الأموال فى خزينة بيت الله «فصدق على قوله قائلا: «إنهما قدوة الأنام وإمامان واجبا الاحترام ويجب علينا أن نقتدي بآثارهما «وقرر على حفظ تلك الأموال فى خزينة كعبة الله.
وفي الواقع لم تمتد يد إلى خزانة بيت الله فترة طويلة بناء على القرار السابق، ولكن وآ أسفاه أن الثائر «حسين الأفطس» (١) هجم على مكة المشرفة واستولى عليها بتحريض خبيث من بعض السفلة وأخذ الأموال المحفوظة في خزينة بيت الله منذ الفتح قائلا: ما جدوى هذه الأموال للكعبة؟ إننى سآخذها وأنفقها فى أمور الجهاد، ثم ابتدر في تبذيرها وتوزيعها كما يحلو له منذ ذلك الوقت انقطع إرسال الهدايا إلى خزينة بيت الله من قبل الملوك إذ غلبت عليهم فكرة ظهور غاصب آخر يستولى على الهدايا المرسلة لبيت الله المعظم.
وبعد نهب حسين الأفطس الأموال التي كانت مدخرة في خزينة بيت الله المعظم وإنفاقها باثنين وخمسين سنة بعد هذا الحادث، ظهرت فتنة إسماعيل السفاك.
قد رفع السفاك المذكور علم العصيان بغتة وهجم على مكة ففرّ واليها ثم اقتحم مقر الحكومة ونهب كل ما يخص من أموال الوالى وأتباعه وأشياعه وكسوة كعبة الله وخزينتها وجمع من الأهالى مائتى ألف قطعة ذهبية بالقوة واتجه إلى دار الهجرة وهو يقصد قتل حاكم المدينة المنورة إلا أن الحاكم قد عرف قدومه فاختفى عن الأعين فعاد السفاك يائسا آيسا إلى مكة حيث ضيق على أهلها وحاصرهم فكان سببا فى موت كثير من الأبرياء من العطش والجوع. وأغار فى فترة ما على جدة ونهب أموال التجار وتجرأ على أن يقطع طريق مكة وأن يعلن الحرب على الحجاج الذين ذهبوا إلى عرفات لأداء شعائر الحج وقتل منهم ألف