ومائة نفر فاستشهدوا وهم يلبسون ملابس الإحرام. ونهب أموال المسلمين الذين لجئوا إلى قمم الجبال فى هذه الاضطرابات والفتن فى سنة (٢٥١)، أما المسجد الحرام فقد أهملت العناية به بسبب هذه الاضطرابات إحدى وعشرين سنة، وبناء على هذا ظهر الخلل المفضى إلى الانهيار فى الجدار للمسجد الحرام، كما أن البيت الذى أقامته السيدة زبيدة زوجة هارون الرشيد قد تقادم وأوشك على الخراب، وكانت هذه الدار متصلة بالجدار الغربى للحرم الشريف وبدا فيها البلى جليا، مما أفضى إلى انهياره بغتة فتسبب بذلك فى هدم الجدار الغربى للحرم الشريف وخربه فمات تحت أنقاضه عشرة أشخاص. وقد بلغ الأمر لحكومة بغداد بالتفصيل، وحينئذ أمر الخليفة (الموفق بالله العباسى) بهدم الجدار من أساسه ليقام من جديد كما ينبغى أن يكون وذلك فى عام ٢٧٢.
أما (دار الندوة) التى أقيمت لسكنى خلفاء بغداد فيها، فأصبحت ميدانا تراكم فيه القمامة بعد أن تهدمت وأصبحت أطلالا مستقبحة المنظر وكان السيل الذى يأتى بين الفينة والفينة تتجمع مياهه فى ذلك الميدان وتجرف معها الكناسات إلى ساحة المسجد الحرام فتملؤها وتفسدها، كما أن سقوف الحرم الشريف تقادمت وقد امتزج المطر فى أماكن مجرى السيل، وعلت فأصبحت مياه السيل تفيض وتدخل فى داخل الحرم الشريف وتزيل حصى جدران الكعبة الداخلية وفسد الرخام على سطحها حتى أصبحت إقامة الصلاة فى داخل المسجد الحرام فى حكم المستحيل.
إن اللوحة الفضية المزخرفة التى ألصقت بدلا من اللوحات الذهبية لباب كعبة الله ذات الفيوضات التى كانت قد انتزعت من قبل واستخدم ثمنها لدفع الفتن والزخارف الثمينة قد محيت فى أثناء تضرعات الحجاج وتوسلاتهم فأصبح أعلى الباب فى لون وأسفله فى لون آخر، كما فسد رخام الحطيم وأرضية المطاف الرخامية كذلك داخل البيت الحرام وخارجه وجميع جهات ساحة المسجد الحرام قد تضررت.