قد أخبر الشريف عج ابن حج بالاتفاق مع (محمد بن عبد الله) شيخ مكة المعتمد بالله العباسى بجلية الأمر كما ابتدر بعض خدمة كعبة الله بالذهاب إلى بغداد وبينوا الوضع شفهيا للخليفة وأوضحوا له أن هذه الحالة تدمى قلوب أهل الإيمان، وأنه إذا ترك الحال كما هو فالمظنون أنه سيفتح بابا لمصروفات كبيرة فى الأيام القادمة.
وكان لهذا القول أثر كبير فى نفس الخليفة، فأمر بتعمير الأماكن المتضررة من المسجد الحرام وكذلك البقعة المقدسة لكعبة الله وهدم دار الندوة وبناء مسجد مكانها كما أمر بحفر وتطهير مجرى السيل المتصل بالجدران الشرقية والجنوبية، حتى يصل إلى عمقه القديم وذلك لحماية الحرم الشريف من مياه السيول التى يتوقع حدوثها. وبعث مبالغ طائلة مع مندوب خاص له.
وبمجرد ما وصل رجال الخليفة من بغداد إلى مكة ابتدءوا فى تعمير المسجد الحرام فى خلال سنة (٢٨١).
وغطوا باب كعبة الله بصفائح ذهبية خالصة العيار كما كان من قبل. ثم أخذوا فى حفر الأماكن التى سبق شرحها. ثم حفروا سبعة أدراج من السلم المطل على مجرى السيل والتى كانت قد غاصت فى الطين إلى أن ظهر الدرج الأخير. ثم هدموا أبنية دار الندوة وبنوا فوق أرضها مسجدا منفصلا ثم قسموا الجدار الذى ظل بين هذا المسجد والمسجد الحرام وفتحوا ست بوابات كبيرة الارتفاع كل واحدة منها سبعة عشر قدما وعرضها سبعة أقدام وبوصة واحدة، كما فتحوا أبوابا صغيرة بين كل اثنين من البوابات ارتفاع كل واحد منها أحد عشر قدما وأربع لنيات وعرضه ثلاثة أقدام وثلاث لنيات. وفتحوا للخروج من مسجد الندوة بابين بابا من جانبه الشمالى وبابا واحدا من جانبه الغربى ثم غطوا فوق الأبواب بأسقف عالية وأروقة معينة ثم صنعوا له مئذنة. إن هذا التعمير قد اكتمل سنة (٢٨٤) وظل شكله كذلك اثنتين وعشرين سنة، ولكن رئى مؤخرا أنه يوضع بشكل أجمل وبناء على الأمر الذى صدر من دار الخلافة إلى والى