للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كل شئ على أحسن ما يرام، أراد أحد الموظفين الذين كانوا يعملون فى هذا العمل الخيرى أن يعرض كل ما أنفق فى هذا العمل مقيدا الحسابات فى دفتر، وقدمه للسيدة زبيدة راجيا أن تلقى نظرة لتسوية الحساب وهى فى قصرها المبنى على نهر دجلة، فأخذت الدفتر وألقته بين المياه، واستدعت الموظف المذكور وقالت له تركت تسوية حساب هذا العمل إلى يوم الحساب، إذا كان هناك فى ذمتك بعض المبالغ فإننى تنازلت عنها كهدية، أما إذا كان لك طلب فقله شفويا حتى أؤديه لك، ثم ألبست الموظف ومن معه حلة فاخرة وطيبت خاطره «انتهى».

قد اتفق جميع المؤرخين على أن تلك السيدة العظيمة صاحبة العصمة قد أجرت المياه إلى مدينة مكة المكرمة من مسافة تبعد ثلاثة أيام منها؛ إلا أنه من الثابت أن السيدة زبيدة قد غادرت أرض الفناء، واتجهت إلى حجرتها المفروشة بالإستبرق (١) وذلك فى سنة (٢١٢) وظل ذلك العمل ناقصا إلى عهد السلطان سليمان بن السلطان سليم.

ولما آل الأمر إلى السلطان المشار إليه بذلت كريمة السلطان السعيد الحظ مهرماه بعون والدها كل جهدها لإتمام ذلك العمل، وأوصلت المياه إلى مكة المكرمة.

وبنت عدة عيون فى المسعى الشريف وبهذا أحيت أهالى مكة المكرمة بلد الله الأمين كما سيوضح فيما يأتى.

وبناء على هذا فإن قصة تقديم دفتر المحاسبة إلى السيدة زبيدة لا أصل لها فهى مختلقة.

إن منبع ماء حنين الذى أجرته السيدة زبيدة إلى مكة فى سفح جبل «ثنية» إلى جبل «طاد» العاليان أشد العلو والواقعان فى طريق الطائف. ويفيض هذا الماء من منبعه نحو حقول قرى حنين، وبعد ما يروى نخيل القرى الواقعة على طرفيه يستمر فى جريانه إلى أن يصل إلى حائط حنين (٢). إن السيدة زبيدة اشترت كل


(١) يعنى توفيت. وهى جملة المقصود بها الدعاء للمذكورة أن يسكنها الله الجنة.
(٢) يطلق على الوادى الذى يشمل قرى حنين وبساتينها «حائط حنين» وقد وقعت غزوة حنين الجليلة فى الصحراء المفزعة التى تنتهى عند البساتين المذكورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>