حقول تلك القرى ومنعت زراعة تلك البساتين، وأقامت على الأماكن المناسبة من الجبال التى حولها سدودا متينة وحفرت مجارى لانتقال مياه الأمطار من سد إلى سد، وتمتلئ تلك السدود بمياه الأمطار وتتحول إلى نهيرات صغيرة مثل عين حنين، وتجرى بواسطة المجارى والقنوات حتى تصب فى أنهار مشاش، ميمونة، غفران، برود، طارقى، ثقبه، وخزيان، وكلها تتجمع فى مجرى وادى حنين الواسع، ومن هنا إلى خزان «بئر زبيدة» التى حفرت فى صحراء منى. وبعد ما أجرت السيدة زبيدة عين حنين إلى منى أوصلت ماء وادى النعمان إلى عرفات، ثم جمعت مياه حنين ومياه وادى نعمان وأجرتها إلى البئر العميق الكبير عن طريق جبل ضاب (١) الكائن خلف المأزمين بطريق المزدلفة وعاد والمرسلات من خلف جبل من جبال صحراء منى، وهذا الماء يجرى من جبل كرا (يقال له جبل قرى أيضا) إلى ساحة عرفات بواسطة المجرى الكبير الواسع المصنوع، ويملأ أحواض جبل الرحمة ثم يملأ خزان بئر زبيدة الذى سبق ذكره.
قد اتخذت بئر زبيدة خزانا ومقسما لمياه عرفات وحنين؛ لأجل ذلك غطيت بصخور عظيمة ليس فى قدرة الإنسان نقلها أو تقليبها من جهة إلى أخرى، وذلك لتفادى أذى عربان البادية وتأمينها من أضرارهم.
إن الماء الذى جلب من وادى النعمان ينبع من سفوح الجبل الذى عرف بين الأهالى (بجبل قرا) أو (كدا) أو (كرا) إن هذا الجبل قائم فوق جبلين فى ارتفاع جبل الرحمة "لذا فهو بالغ الارتفاع والمساحة من قمة هذا الجبل إلى الطائف نصف يوم. إن الذين يصعدون على هذا الجبل أو يهبطون منه مرة يبلغ بهم التعب حتى لا يقدرون الصعود إليه أو الهبوط منه فى نفس اليوم. والماء المعروف بعين عرفات يجرى من صحراء النعمان ولذلك تجد الأماكن التى تجرى فيها تتأثر برطوبتها وتنبت أنواع الأشجار. وأقسام النباتات والأزهار فيما حولها وتتحول إلى رياض منتظمة.
(١) يطلق على هذا المكان الآن طريق المظلمة وهو يقع على يسار العائدين من عرفات إلى المزدلفة.