للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعندما تولى عرش الحكم بعث إلى خالد بن عبد الله القسرىّ (١) ثلاثين ألف قطعة ذهبية، وأمره بأن يذيب هذه النقود الذهبية، ويصنع منها ألواحا يغطى بها مصراعى باب كعبة الله وميزاب الرحمة، خضع خالد بن عبد الله وبادر بإذابة قطع الذهب، وصنع كثيرا من الألواح الذهبية وغلف بها ميزاب الرحمة، أولا ثم مصراعى باب كعبة الله، وزين الأعمدة التى فى داخل كعبة الله وطلا الأركان الأربعة الداخلية للكعبة بما زاد من ذهب.

وبتغليف ميزاب الرحمة بالألواح الذهبية قد اكتسب منظرا لامعا مشعا، فأعجب الناس بهذا التذهيب الظاهرى وأخذوا يطلقون على ميزاب الرحمة الميزاب الذهبى، وظل ميزاب الرحمة يعرف بالميزاب الذهبى على ألسن الناس لفترة طويلة.

جدد المقتفى بالله العباسى تلك الألواح فى سنة (٥٤٢)، وفيما بعد حول الملك المؤيد الميزاب الشريف إلى خشب، وفى سنة (٨٤٣) جدد الأمير زين الدين الميزاب الخشبى إثر الملك المؤيد بخشب أيضا، إلا أنه زخرفه بطلاء ذهبى وزينه، وأصبح من عادة الملوك بعد ذلك تجديد الميزاب من حين لآخر، ولما زينه السلطان سليمان - طاب ثراه - بألواح فضية فى سنة (٩٦٠) أطلق عليه اسم الميزاب الفضى، إلا أن المرحوم السلطان أحمد (٢) انتزع الميزاب ذا الألواح الفضية فى سنة ١٠٢١، وصنع ميزابا غلف فوق الفضة بالذهب وفسيفساء بنفسجية اللون، وكان تحفة فنية رائعة، وعندما وضع ذلك الميزاب فى مكانه أصبح اسمه مرة أخرى الميزاب الذهبى.

ولما كان السلطان أحمد هو الذى قدم للكعبة الميزاب الجديد كان من إرادته السنية أن يرسل الميزاب القديم إلى باب السعادة للتبرك به، ولأجل ذلك أرسل مع أمير حج قافلة الشام التى جهزها بكل عناية، ووضع عليها الميزاب القديم،


(١) عامل بنى أمية على مكة حينئذ، ولاه عليها الوليد بن عبد الملك سنة ٩١ هـ‍. انظر: تاريخ الطبرى ٦/ ٤٦٤.
(٢) هو أحمد خان الأول، مات وعمره ثمانية وعشرين عاما ومدة حكمه ١٤ سنة، وتوفى سنة ١٠٢٦ هـ‍.

<<  <  ج: ص:  >  >>